Site icon IMLebanon

تساؤلات فلسطينية لبنانية حول دور القوة الأمنية

يبدو أن الجهات الفلسطينية كافة لا تزال متمسكة بـ «القوة الامنية الفلسطينية المشتركة» بعد ان اضحت هذه القوة مطلبا وطنيا فلسطينيا مثلما هو لبنانيا، بالرغم مما شاب مسيرتها من مطبات وعوائق امنية وسياسية وفصائلية ومالية منذ الاتفاق على تشكيلها قبل اكثر من سنتين ونصف السنة.

الجميع يسأل عن الاعتبارات التي حالت دون ان تتحول «القوة الامنية»، بتركيبتها الفصائلية وهرمية هيكليتها القيادية وانتشارها العسكري والغاية التي انشئت لاجلها، الى «شرطة فلسطينية» داخلية في المخيمات، تمارس سلطة القوة الرادعة لاي عمل تخريبي او امني او ارهابي وحتى اجرامي عادي، لمنع تحويل مخيم عين الحلوة الى بؤرة امنية وملجأ يلوذ اليه اي فار من وجه العدالة بتهم ارهابية خطيرة…

كما ثمة سؤال حول المانع من اعتقال المتورطين والمتهمين والمطلوبين بتهم تتعلق بالاخلال بالامن و بأعمال ارهابية وتشكيل خلايا متطرفة، على غرار ما كانت عليه «شرطة الكفاح المسلح الفلسطيني» التي كانت منتشرة في المخيمات حتى الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982.

معظم الاغتيالات التي وقعت في عين الحلوة والاشتباكات التي شهدها المخيم واكثرها ضراوة وتدميرا، كان في عهد القوة الامنية، وان عددا من المطلوبين بتهم ارهابية اما انطلقوا من عين الحلوة، كنعيم عباس وغيره، واما استقبلهم المخيم وآواهم، كشادي المولوي واحمد الاسير وغيرهم… وذلك في ذروة الحديث الاعلامي عن انتشار القوة الامنية في المخيم.

ويلفت قياديون فلسطينيون النظر الى «تأكيدات من الجهات المعنية خارج المخيم بان الاجهزة الامنية اللبنانية قد وفرت التغطية السياسية والامنية واللوجستية المطلوبة من اجل تسهيل انطلاقة القوة وانتشارها وبسط سلطتها في المخيم».

وبعد فترة التجربة الميدانية التي مرت بها «القوة» منذ انتشارها في عين الحلوة والتمهيد لانطلاقتها في مخيمات بيروت، تطرح اليوم بشكل جدي التساؤلات الامنية والسياسية المتعلقة بـ «الافق الامني» والصيغة العملانية لعمل «القوة» لتصبح فاعلة ومؤثرة.. وقد وضع هذا الامر على بساط البحث الجدي مركزيا لدى الفصائل والقوى الفلسطينية المشاركة فيها بالتنسيق مع عدد من الاجهزة الامنية اللبنانية، خاصة بعد انتقالها الى مخيمات بيروت، ذلك ان الوضع هناك هو اكثر تعقيدا من بقية المخيمات لانه متداخل مع النسيج اللبناني المحيط.

يقر مصدر فلسطيني بوجود «ستاتيكو» واسباب فلسطينية بحتة منعت تحول «القوة الامنية» الى قوة ردع فلسطيني داخلي، اهمهما الاجماع الفلسطيني الذي بات متوفرا اليوم حول عدم ادخال المخيمات بصراعات امنية داخلية او خارجية وتحديدا عين الحلوة، واعتماد نظرية «الامن بالتراضي» للمبررات التالية:

قناعة «حركة فتح» (كونها اكبر المنظمات) ومعها فصائل «منظمة التحرير» بأن توازن الرعب في المخيم قد فرض نظرية «الأمن بالتراضي» كي لا ينفجر الوضع الأمني الفلسطيني الداخلي في كل مرة.

اعتبار المجموعات السلفية الفلسطينية المتطرفة مخيم عين الحلوة معقلا لها لا يمكن التفريط به.

دور «القوى الاسلامية» التي تعتبر «معتدلة» وعصبها الرئيسي «عصبة الانصار» و»الحركة الاسلامية المجاهدة»، وقد سعت تلك القوى الى عدم جر المخيم الى اي اشتباك داخلي، حفاظا على التوازن القائم، ولكي تبقى تلك القوى، وليس «المجموعات السلفية»، بيضة القبان في المخيم.

في المقابل، فان هناك جهات سياسية وأمنية فاعلة في عين الحلوة تؤكد بأن «الأفق الأمني» في المدى المنظور غير قابل لـ «التفجير» للأسباب التالية:

أولا، لكون «فتح» قطعت شوطا بعيدا باستعداداتها العسكرية واخضعت كوادرها لدورات عدة في مخيم الرشيدية.

ثانيا، بسبب إرادة القوى السلفية المتشددة بالتخلي عن قميص الاغتيالات والارهاب الذي ارتدته والانخراط في النسيج الداخلي الفصائلي في المخيم من خلال مرجعية «العصبة والحركة المجاهدة».

ثالثا، نتيجة الدور الذي لعبته «المبادرات الشعبية الاهلية واللجان المحلية» واسهاماتها بترسيخ الامن وعقد المصالحات.

رابعا، مطلب غالبية الفلسطينيين بتحديد الدور والمهام المنوطة بعمل «القوة الامنية» من خلال ضبط الوضع الامني بالقوة.

ويتحدث عدد من المخضرمين السياسيين والامنيين الفلسطينيين في عين الحلوة عن ان «القوة الامنية» اليوم تشبه تجربة «الكفاح المسلح» كشرطة واداة امنية فلسطينية في المخيمات، مع تأكيدهم من أن تجربة «الكفاح المسلح» نجحت في حينه وشكلت مرجعية امن داخلي ذاتي في المخيمات..

ويتساءل هؤلاء عن سبب تقاعس «القوة» عن تنفيذ مهام بامكانها تنفيذها، مثل «احصاء عدد الوافدين الجدد الى عين الحلوة من نازحين فلسطينيين وسوريين وغيرهم، بالاضافة الى شبكات التزوير وترويج المخدرات وغيرها…». يأتي هذا التساؤل علما ان الكثير من هذه القضايا تصبح بحكم الزائلة اذا استمرت الفصائل في مطالبتها باقرار الحقوق المدنية والاجتماعية والانسانية للفلسطينيين في لبنان، اذ في حال اقرت هذه الحقوق فان قسما كبيرا من المشاكل الاجتماعية للفلسطينيين ستُحلّ.