44 ألفاً هو عدد اللاجئين الفلسطينيين من سوريا والموجودين حاليا في لبنان. غالبية هؤلاء من مخيم االيرموك. الرقم قد يبدو ضئيلا مقارنة بعدد اللاجئين السوريين الذي تخطى المليون، الا ان مشكلات هؤلاء في لبنان لا تقل عن مشكلات “اشقائهم” السوريين.
عمليا، تتولى وكالة الامم المتحدة لاغاثة اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى وتشغيلهم (“الاونروا”) الاهتمام باللاجئين الفلسطينيين. غير ان تفاقم المعضلات جعل “الحمل” كبيرا. وقد عكسته بنوع خاص حاجة الوكالة الاممية الى التمويل، الامر الذي ادى الى تردي الاوضاع.
وفقاً للناطقة باسم “الاونروا” في لبنان زيزيت داركزللي، فإن عدد اللاجئين الفلسطينيين من سوريا والذين دوّنوا معلوماتهم لدى “الأونروا” في لبنان هو 44 الفا، بحسب عملية تقويم الحاجات التي أجرتها الوكالة الاممية في تموز الماضي، علما ان هؤلاء اللاجئين ما زالوا مسجلين لدى مكاتب “الأونروا” في سوريا.
وعلى غرار السوريين، شملت القيود التي فرضتها الدولة اللبنانية على المعابر مع سوريا الفلسطينيين، وقت دفع النقص في التمويل وسعي الوكالة الى وصول المساعدات النقدية (بدل ايواء وبدل غذاء) الى الفئات الاكثر حاجة، الى اجراء عملية تقويم لحاجات “المجتمع” الفلسطيني – السوري الناشىء في لبنان.
في الشكل، تركزت المراجعة الاممية على اوضاع الفلسطينيين العائلية والاجتماعية والتعليم والتوظيف. اما في المضمون فقد كشفت خلاصتها الاساسية أن 94 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا يعتبرون ضمن الفئة الأكثر حاجة للمساعدات النقدية. وفي تقديرات “الأونروا”، ان 52 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا يتمركزون في المخيمات الفلسطينية الـ12، ليشكلوا بذلك “قيمة مضافة” الى الاعداد الموجودة اساسا في هذه التجمعات، فيما “لجأت” البقية الى المناطق المحاذية للمخيمات او ما يعرف بالتجمعات القريبة لها ولا سيما في صيدا وبيروت.
تتابع الوكالة الاممية بدقة الاشكاليات التي بات يواجهها الفلسطينيون السوريون في لبنان. في مقدمها، بروز كتلة “غير شرعية” نتيجة انتهاء مدة تأشيرات الاقامة. فقد قضت التشريعات قبل ايار الماضي بمنح الفلسطينيين من سوريا والقادمين الى لبنان تأشيرة ترانزيت لمدة اسبوع الى ان يتمكنوا من نيل اقامة لمدة 3 اشهر تجدد مجانا لمدة سنة، ليرتفع بعدها الرسم الى 200 دولار. الا ان اللافت ان تردي الاحوال المالية لمعظم الوافدين الى لبنان ومحدودية امكاناتهم دفعهم الى التلكؤ في دفع المتوجبات المالية والاستنكاف عن “تشريع” اوضاعهم. وقد ادى كل ذلك الى قيام كتلة مجهولة العدد وبلا اوراق رسمية.
تتردد على الالسن حادثة ضبط 40 فلسطينيا من لبنان ومن سوريا في مطار رفيق الحريري الدولي حاولوا دخول مصر وليبيا من لبنان بطريقة غير شرعية في ايار الماضي. يومها، اعيد اللاجئون الفلسطينيون من لبنان الى اماكنهم، فيما تم اخراج اللاجئين الفلسطينيين من سوريا عبر المصنع. وكانت النتيجة ان زادت القيود على الدخول وخصوصا بعدما اصدر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق تعميما اضاف بموجبه ضوابط على حركة تنقل الفلسطينيين من سوريا.
امر آخر يستدعي القلق، بحسب داركزللي، هو عدم قدرة اللاجئين الفلسطينيين من سوريا ومن ذوي تأشيرات الاقامة غير الصالحة، على تسجيل وقوعاتهم المدنية كالزواج والوفيات والولادات وغيرها، علما انه وفقا لتوقعات “الأونروا”، يولد في لبنان سنوياً 1200 طفل فلسطيني من سوريا.
يستشهد الفلسطينيون السوريون بالمبالغ الضئيلة التي يتقاضونها لتبرير الحالة التي وصل اليها بعضهم. وهم يكتفون بالتذكير بنيل العائلة الواحدة 100 دولار كبدل ايواء و30 دولارا كبدل طعام شهريا للدلالة على حاجاتهم في المأكل والمسكن. ووقت تتكاثر الاخبار عن تشنج بات يطبع العلاقات بين المجموعات الفلسطينية اللبنانية والسورية في اطار التنافس على العمل والبنى التحتية في مخيمات مكتظة، يبقى هاجس الخوف من المستقبل الاساس ولا سيما لدى الفلسطينيين السوريين الذين يعتبرون ان لا ضمانات رسمية لديهم بحق العودة حتى لو حل “حلم” السلام في سوريا غدا.