IMLebanon

المقاومة الفلسطينية في غزة ما بين تأييد ومعاداة اللبنانيين

 

 

رغم التعاطف والتأييد الكبير لمقاومة غزة ضد الجرائم الصهيونيّة من قبل شرائح تنتمي الى كل الطوائف والمناطق اللبنانيّة، لا يخفى على المتابعين وجود عدائيّة شباب لبناني محسوب في معظمه على اليمين. عنوان «التعبئة العدائيّة» الشعور بأن نمط الحياة في الكيان الإسرائيلي قريب مما يحلمون به وبسبب ربط قيادتهم التقليديّة ما بين معاناة اللبنانيين خلال الحرب والسلاح الفلسطيني وتسببه بتدمير لبنان والتذكير على الدوام بقيادات فلسطينية رفعت شعار «طريق القدس تمرُّ عبر جونيّة» و…

من هنا نجد حاجة كبيرة للخوض في هذه المسألة الحرجة في محاولة إخراج اللبنانيين من تراكمات «الحقد المقدس» المرتبط بكيانية البعض والذي تسبب بتدمير بلدهم، ضمن سعينا المستمر للمضي قدماً في «مشروع الدولة».

 

نذكّر بأن توزيع الفلسطينيين المهجرين من بلدهم عام 1948 على المناطق اللبنانيّة ارتبط بمصلحة قوى الإنتاج اللبناني، مخيمات انشئت لتؤمّن العمالة الرخيصة للصناعة وأخرى للزراعة وغيرها. ولا يمكن إغفال الدور الهائل للرساميل والمشاريع الفلسطينيّة التي حققت بناء الاقتصاد اللبناني من مطار، مرفأ، نظام مصرفي متطور، كازينو، صناعات، تجارة، سياحة والكثير الكثير.

بداية نقول أن مؤامرة تفلّت السلاح الفلسطيني سببه «جشع سياسيي لبنان» المعتاد، فبعد هزيمة عام 1967 حاول العديد من هؤلاء السياسيين «التشاطر» في إيجاد طريقة تجمع ما بين المحافظة على اتفاقيّة الهدنة الموقّعة مع العدو الإسرائيلي عام 1949 وما بين تأجير أراضي للمقاومة الفلسطينيّة في قرى العرقوب الجنوبيّة «فتح لاند» بهدف الإستفادة من تدفق الأموال على «دول الطوق» من قبل الدول العربيّة في تلك المرحلة، وبالطبع تطوّر هذا الخلل في تضخم طبيعي لـ«حالة السلاح والمال» على حساب «ضمور الدولة والقرار السياسي» وما لاحقه من مؤامرات خارجيّة طبيعيّة لتدمير لبنان «كصيغة مشروع دولة مدنيّة متنوعة ومزدهرة» هي النقيض الطبيعي «للكيان العنصري السادي» المحتل لفلسطين.

 

على عكس ما يُشاع بأن شرارة الحرب الأهليّة اللبنانيّة انطلقت مع بوسطة عين الرمانة التي قتل فيها 27 عضواً من منظمة التحرير الفلسطينيّة في 13 نيسان 1975، ومع أهميّة هذا الحدث الأليم ولكنه لا يلغي التأكيد بأن شرارة هذه الحرب انطلقت من «قيادات لبنانيّة معروفة» بعد مجزرة «السبت الأسود» التي قتل فيها مئات العمال اللبنانيين في المرفأ في 6 أيلول 1975، قتلوا من قبل من تم تعبئتهم طائفياً ضد أبناء بلدهم، هذا الموضوع مضطرين لفتحه و«اخراج الدمل» تمهيداً للإلتئام الصحيح عبر توعيّة الشباب اللبناني المضلل على مخاطر «تعبئة الكره ورفض الآخر المختلف» المتوارثة التي تقتل أصحابها وتدمّر كيانهم وبلدهم.

إذ لا يمكن تجاهل عوامل ضعف «مشروع الدولة العادلة» بعيداً عن عاهة مواطن درجة أولى وثانية و… التي تسببت بـ«إحتضان لبنانيين لمن وجدوه أقرب إليهم من أبن بلدهم» الذي يستعلي عليهم ويحتقرهم بناءً على تربيّة «ساديّة استعمارية»، كما لا يمكن تجاهل الظروف الخارجيّة وعلى رأسها الصراع ما بين معسكري أميركا والاتحاد السوفياتي اللذين وجدا مكاناً ملائماً للإستثمار في حربهم الباردة عبر أدوات باعت نفسها لأهواء مصالحها المنحرفة، بما ساهم في خسارة كل اللبنانيين لمشروع صراعهم الحضاري الرسالي ضد دولة العنصريّة الصهيونيّة، كما لا يمكن تجاهل تحوّل منظمات فلسطينية الى أدوات كسب سياسي وبندقيّة للإيجار عند زعامات لبنانيّة لتحقيق تفوّقها الميليشياوي وزيادة مكاسبها الماديّة، كما لا ننسى وقوف قيادات فلسطينيّة حكيمة بقوة ضد حلفائها اللبنانيين ممن سعى للتقسيم لأنها كان تعرف خطورة تدمير نموذج «دولة التنوّع المدنيّة» التي ستتخذها دولة فلسطين نموذجاً لها بعد تحقيق حلم تحرير فلسطين وفق قولهم.

نعم يا أبناء بلدي وشركائي في بناء الدولة، إن زعماء ميليشيات الحرب اللبنانيّة كانوا أشدّ خطورة على بلدنا من الفصائل الفلسطينيّة التي أخطأت في لبنان والتي لا تشبه مقاومة غزة الأبيّة على أرض فلسطين المقدّسة لا من قريب ولا من بعيد، بل على العكس فإن أعجوبة انتصار غزة التي نؤمن بتحقيقها هي من يعطي الأمل بعودة «مخيمات العودة» من كل لبنان الى كل فلسطين مع قسم كبير من أخوتهم اللبنانيين الباحثين عن الاستثمار بكفاءتهم لتحقيق حياة كريمة في «دولة الحقوق» على قياس مصالح المواطن لا على قياس «جشع الزعيم وارتهاناته القذرة» أي مع من يشاركهم التاريخ والجغرافيا والمستقبل والحضارة والقِيَم فوق أرض فلسطين المقدّسة.

سلام من كل اللبنانيين على مقاومي غزة الأبطال وعلى كل فلسطين، وعلى شعبنا اللبناني من كل الأديان والطوائف استيعاب شموليّة المشهد والدور الرسالي لبلدهم عبر «مشروع الدولة الحقيقيّة» والخروج من الإجتزاءات الشيطانيّة التي أوصلتهم الى ما وصلوا إليه، ليقف هذا الشعب مع مصلحته وقِيَمه عبر دعم مقاومة الفلسطينيين لاسترجاع كل حقوقنا لتحقيق الازدهار والأمن والأمان والسلام بما يغيّر تاريخ منطقتنا والعالم.