يتساءل المتابعون لما يجري في غزّة اليوم… بعد تصريح رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عن معارضته لقيام دولة فلسطينية، أي لـ»حلّ الدولتين» الذي وافقت عليه إدارة جو بايدن… هل يعني رفض نتانياهو لقيام دولة فلسطينية، أنّ قيام دولة فلسطينية قد ذهب أدراج الرياح؟
الصورة إذن أصبحت واضحة الآن: لا توجد رغبة إسرائيلية في سلام عبر المفاوضات، لأنّ الارض «هدية لليهود» من الله حسب عقيدة اليهود.
لقد بات جليّاً الآن أنّ نتانياهو، الذي خسر كل أهدافه أمام أبطال «طوفان الأقصى» وصار عُرْضة للسخرية… وبات قاب قوسين أو أدنى من الدخول الى السجن الذي ينتظره بسبب فساده والرشى التي كان يتلقاها.
نتانياهو هذا، يرفض كل ما له علاقة بالأهداف الوطنية الفلسطينية. وقد تناسى خسارته الحرب… فهل سأل نفسه: بأي صفة يرفض حلّ الدولتين، وهو الذي فقد قيمته وهيبته ولم يحقق من أهدافه أي هدف… وهو الذي سينتقل قريباً الى السجن ذليلاً؟
لقد عرف الشعب الفلسطيني طريقه الواضح والصريح اليوم من خلال ثورة «طوفان الأقصى»، وهو لن يتراجع أبداً إلاّ بتحقيق حلمه من خلال قيام دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس رغم أنف نتانياهو الذي تمرّغ برمال غزّة الأبيّة على يد أبطال المقاومة الفلسطينية.
لقد قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو إنه أبلغ الولايات المتحدة الأميركية بمعارضته إقامة دولة فلسطينية في إطار أي سيناريو لمرحلة ما بعد الحرب على غزّة. وذلك بخلاف الرغبة الأميركية.
وفي مؤتمر صحافي يوم الخميس الماضي، تعهد نتانياهو بالمضي قدماً في الهجوم على غزّة، حتى تحقّق إسرائيل «انتصاراً حاسماً» على حركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، واستعادة من وصفهم بالمختطفين. وقال إنه نقل مواقفه الى الاميركيين.
أضاف نتانياهو: إنه في أي ترتيب مستقبلي تحتاج إسرائيل الى السيطرة الأمنية على جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن. ونوّه بأنه يجب أن يكون رئيس الوزراء قادراً على قول «لا» لأصدقائنا. في إشارة الى الولايات المتحدة الأميركية.
وكانت الولايات المتحدة قد دعت إسرائيل الى تقليص هجومها على غزّة. وقالت إنّ إقامة دولة فلسطينية يجب أن يكون جزءاً من «اليوم التالي» للحرب. لقد رفض نتانياهو ما طلبته الولايات المتحدة منه بالتخفيف من هجومه على غزّة، والأخذ بخطوات إيجابية نحو تنفيذ «حلّ الدولتين». أضاف: يجب أن تكون لإسرائيل سيطرة أمنية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن. هذا شرط ضروري.
إلى ذلك، وجّه مسؤولون أميركيون انتقادات حادّة لرئيس الوزراء الاسرائيلي عقب إعلانه رفض «حل الدولتين»… فقال السيناتور الديموقراطي كريس ميرفي: «إنّ معارضة نتانياهو لقيام دولة فلسطينية قد تؤدي الى تعقيد مصادقة مجلس الشيوخ على حزمة المساعدات لإسرائيل».
فيما أكد السيناتور الديموقراطي بيتر ويلش أنّ نتانياهو لا يشارك الولايات المتحدة قلقها بشأن فقدان أرواح الفلسطينيين. أضاف: «إنّ رفض نتانياهو إقامة دولة فلسطينية يكشف أنه يريد أخذ الأموال الأميركية فيما يرفض نصائحها».
من جهتها، وصفت السيناتورة تامي داكويرث تصريحات نتانياهو بالمفزعة. كما اعتبر السيناتور بريان شاتزان نتانياهو مخطئاً ويصعّب الأمور.
أما عضوة مجلس الشيوخ الاميركي عن الحزب الديموقراطي إليزابيث وارن فقد وصفت رفض نتانياهو «حل الدولتين» بالخطير والمتناقض.
وأضافت: إنّ واشنطن تدعم «حلّ الدولتين» لأنه الطريق الوحيد لضمان السلام وأمن وكرامة الاسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.
وكان بايدن قد حذّر نتانياهو من فقدان الدعم العالمي بسبب القصف العشوائي لغزّة وذلك خلال فعالية انتخابية في واشنطن.
وقال: «نتانياهو بحاجة الى تغيير موقفه بشأن «حلّ الدولتين» لإنهاء الصراع بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك إزاحة حكومته اليمينية المتشدّدة».
والظاهر ان إسرائيل باتت عبئاً على أميركا -كما يتضح من مجريات الأمور- وذلك لأنّ ما يحدث خلال حرب غزّة جاء في توقيت حسّاس وحرج مثل انتخابات الرئاسة الأميركية، خصوصاً مع تزايد الخسائر بين المدنيين في غزّة، وعدم نجاح إسرائيل في القضاء على «حماس» حتى الآن كما تعهّدت، فضلاً عن عدم وجود خطة واضحة لما بعد الصراع في غزّة.
لقد انتقدت أميركا أخيراً نتانياهو إضافة الى رفضه إقامة دولة فلسطينية، لفشله في مفاوضات الرهائن، وعنف المستوطنين الاسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، فضلاً عن المخاوف من ان إسرائيل لا تقوم بعمل يؤدي الى التخفيف من حصيلة القتلى المدنيين الفلسطينيين المتزايدة.
لذا فإنّ نتانياهو بسبب فشله في كل شيء:
– إبادة «حماس» وسحقها.
– تحرير الرهائن.
– فوزه في المعركة واحتلال غزّة بشكل كامل.
– وارتفاع عدد القتلى المدنيين الفلسطينيين الذين زادوا على الـ24 ألفاً معظمهم من الأطفال والنساء بات عالة حتى على أميركا التي راحت تفعل المستحيل للتخلص منه.
ولكن حتى ولو فشلت أميركا في إزاحته فإنّ سواعد أبطال «طوفان الأقصى» ستكون صاحبة الكلمة العليا… وستحقق النصر على نتانياهو، وإقامة دولة فلسطين رغم أنفه.