IMLebanon

الإعتراف الأممي بالدولة الفلسطينية: هل ستتوجه السلطة إلى مجلس الأمن؟

 

يمكن البناء سياسيا ومعنويا على الإعتراف الدولي، المتتالي والمنبىء بما هو أكثر، بالدولة الفلسطينية، ولو جاء هذا الإعتراف من الباب الرمزي كون فلسطين لا تزال دولة بصفة “مراقب” في الأمم المتحدة يمنعها الفيتو الأميركي في مجلس الأمن الدولي من إمتلاك صفتها الشرعية المحقة والكاملة.

 

هذا الإعتراف الذي شمل ثلاثة أرباع دول العالم لم يأت عن عبث.

 

فهو جاء بعد الإدانات الدولية الصارخة، الشعبية والرسمية، لحكومة التطرف الإسرائيلي، وفي خضم إدانات محكمتي العدل والجنائية الدوليتين للدولة التي تعاني الوضع الأمر عليها منذ نشوئها في العام 1948.

 

يُذكر هنا أنه إذا كانت الدولة الفلسطينية لا تزال في هذا المربع من الإعتراف غير الكامل نتيجة الظروف الدولية فقط، فإنها تعد عضوا فعالا في العديد من المؤسسات التابعة للأمم المتحدة نفسها مثل اليونيسكو ومجلس حقوق الإنسان وإتحادات دولية كدول عدم الإنحياز ومنظمة العمل الإسلامي وغيرهم..

 

يأتي ذلك قبل قليل أو كثير، على المزيد من مسلسل الإدانات للدولة العبرية وسط انقسام إسرائيلي مرير يواجه معه نتنياهو مأزق انفراط عقد حكومته ما يفسر التوتر إزاء الاعتراف الجديد بالدولة الفلسطينية وحالة الهستيريا التي ناقضتها الدعوات إلى تحقيق إسرائيلي داخلي بانتهاكات إنسانية لكي تظهر إسرائيل للعالم على أنها دولة قانون وإنسانية!

 

 

إجهاض المفاوضات

 

 

والواقع أن هذا الإعتراف تأخر كثيرا، وكان يجب أن يحصل منذ الأيام الأولى بعد توقيع إتفاق أوسلو العام 1993، فالسلطة الفلسطينية كانت تشكل حينذاك مشروع دولة فلسطينية أجهضتها حكومات اليمين الإسرائيلي بعد سقوط اليسار (والتسمية غير دقيقة بالكامل) مع مقتل رئيس الحكومة الإسرائيلية إسحاق رابين العام 1995 على يد اليمين المتطرف الذي سرعان ما تسلم السلطة مع سقوط شمعون بيريز، خليفة رابين ورفيقه الأهم في الشراكة مع الفلسطينيين، بعدها بعام، ما أدى بدوره إلى إنهيار مفاوضات السلام ليس فقط مع الفلسطينيين بل مع السوريين أيضا.. وللتذكير فإن هذا الانهيار لم يحصل دراماتيكيا بل على مراحل ويمكن التوقف عند ما بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام 2000 ومحاصرة ومن ثم تدمير السلطة الفلسطينية، فشكلت السنوات منذ العام 2002 عدا تراجعيا تراجيديا عززه الإنقسام الفلسطيني والتقاتل الداخلي والفشل في الحكم بالتوازي بين السلطة في الضفة الغربية وحركة “حماس” في غزة..

 

ما هو مهم وسط المأساة اليوم أن يشكل الإعلان الدولي حافزا للفلسطينيين لمجاراته على أن تكون أولى الخطوات باتفاق فلسطيني فلسطيني لما يُعرف باليوم التالي في غزة. فمهما طال العدوان سيأتي اليوم الذي سيصطدم فيه بالواقع وبعدم القدرة على القضاء على الشعب الغزاوي، وبحقيقة رفض أي حاكم فلسطيني مستقبلي لغزة الإتيان على ظهر الدبابة الاسرائيلية. ومع توحيد الموقف الفلسطيني سيكون التالي هو الإتفاق الفلسطيني العربي لرعاية وحدة النظام السياسي الفلسطيني الذي من شأنه فتح مسار حل الدولتين..

 

هو مسار شائك وطويل ويتطلب ظروفا إقليمية ودولية ملائمة، لكن قبل كل ذلك يتطلب الأمر اليوم التماهي مع قرار الإعتراف الدولي عبر موقف فلسطيني رسمي تُطرح أسئلة حول قدرة السلطة الفلسطينية أو نيتها اتخاذه.

 

 

فك الإرتباط

 

 

يشير متابعون للشأن الفلسطيني إلى أن السلطة هي الجهة التي يجب عليها أن تقدم طلبا لمجلس الأمن في سبيل عضوية كاملة، لكن الخشية هي من إجراءات إسرائيلية مضادة وشديدة ومدمرة.

 

يلفت هؤلاء الإنتباه إلى أن إسرائيل بقرار فك الإرتباط مع السلطة يمكن لها أذية الفلسطينيين.

 

ولهذا القرار إجراءات مثل وقف تزويد السلطة بأموال الضرائب وإغلاق المعابر ووقف الوقود وتشريع الحرية للمستوطنين لقضم الأراضي ووقف تسجيل الولادات الجديدة وسفر الفلسطينيين وغيرها.. أي رفض التعاون بالكامل مع السلطة، لذا فإن قرار فك الإرتباط من أخطر ما يمكن ويذهب أصحاب هذه المخاوف إلى أن الأمر غير مقتصر على حكومة نتنياهو التي ترفض كل شيء حتى وصل بها الأمر للمناداة اليوم بحكم عسكري مباشر لغزة تحت عنوان مدني عشائري أو ما يصفه نتنياهو بالسيطرة الأمنية والإدارة المحلية، لا بل وجد إلى جانبه من يطالب باستيطان غزة!

 

من الواضح أن نتنياهو لا يريد السماع بالسلطة سواء في غزة أو الضفة، لكن هل صحيح أن أقطاب السياسة الإسرائيلية الآخرين هم على الرؤية نفسها؟

 

سؤال لا إجابة عليه الآن ويتعلق الأمر ربما بما بعد الإنتخابات الأميركية، لكن من الأهمية بمكان في هذه اللحظة من تاريخ القضية توحيد الرؤية الفلسطينية والبناء على مقاومة الشعب الفلسطيني بالتقاطع مع التطورات الخارجية الإيجابية في سبيل تحصيل المكاسب التفاوضية المقبلة.