حتى الآن لم يحظَ لبنان بحصته الفضائحية من «وثائق بنما». وليس ذلك، على الأرجح، لعدم وجود «كوتا» خاصة به في تلك الوثائق، وإنما، ربما، لإنشغال أهل البلد عن التنقيب فيها بالتنقيب في زبالتهم التي كانت تملأ الطرقات وجدول أعمال سياسييه.
لكن ابتداءً من أول من أمس، باتت مهمة التنقيب في الوثائق متاحة لكل الناس بعد أن دشن المجمع الدولي للصحافيين الاستقصائيين، ICIJ، المسؤول عن نشر الوثائق، محرك البحث الذي يمكن الباحث من «نبش» الوثائق وفقاً لأسماء الأشخاص أو الشركات أو العناوين الواردة فيها.
وأول «تباشير» هذا التنقيب كان ورود ذكر لبنان بوصفه مقر إقامة لتاجر سلاح إسرائيلي، يدعى غبريئيل غونين ليفي. وليفي هذا يمتلك مجموعة شركات مسجلة في جزر العذراء البريطانية تحت اسم «GSS GROUP»، فيما يظهر في الوثائق أن المقر الجغرافي للشركة الأم للمجموعة هو مكتب المحامي الإسرائيلي، تسافي نيتسر، الواقع في أبراج أفيف في منطقة رمات غان شمال تل أبيب. الجزء الغريب و»المثير» في المعطيات الخاصة بهذه المجموعة هو أن العنوان الرسمي الخاص لمالكها، غونين ليفي، بحسب ما هو مدوّن في سجلها التجاري، هو شارع سان جوزيف (مار يوسف) الواقع في منطقة برج حمود شرق بيروت.
في السجل التجاري للشركة دُوِّن أن التاجر الإسرائيلي مقيم في شارع مار يوسف
الجدير ذكره أن غونين ليفي شريك تجاري لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، الذي يمضي الآن عقوبة في السجن بتهم الفساد. وكان أولمرت، بحسب موقع غلوبس الاقتصادي الإسرائيلي، أنشأ عام 2012 شركة «إي أو أس أفريكا إنترناشيونال» التي تعمل في «التصدير الأمني»، أي تصدير الأسلحة والتجهيزات العسكرية التي تنتجها شركات التصنيع العسكري الإسرائيلية. والشركة المذكورة تملك 50 في المئة من أسهم شركة «أل تيم للاستثمار»، فيما تعود ملكية بقية الأسهم لشركة «غونين ليفي للتعهدات»، التي يملكها تاجر السلاح نفسه، «المقيم» في برج حمود، غبريئيل غونين ليفي.
إشارة إلى أن المجمع الدولي للصحافيين الاستقصائيين، ICIJ، كان نشر قبل نحو شهر ملايين الوثائق التي احتوتها خوادم المعلوماتية التابعة لشركة المحاماة الدولية «موساك فونسكا» الموجود مكتبها الرئيسي في بنما. وتضمنت الوثائق معلومات حول شركات «أوف شور» مملوكة لمتمولين وشخصيات سياسية وغير سياسية من مختلف أنحاء العالم.
وشركة «أوف شور» هي شركة يتم تسجيلها في ملاذ آمن من الضرائب، بهدف تهريب الأموال أو التهرب من الضرائب أو طمس هوية المالكين الحقيقيين للتهرب من العقوبات الأميركية والدولية.