IMLebanon

لوحة خريطة شهداء الوطن «برَسم» الجيش

«وَحدُن بيبقوا مِتل زهر البيلسان، وَحدُن بيبقوا مِتل هالغيم العتيق»… سُرعان ما يُذكّرنا الملصَق الذي أطلقَته المؤسسة العسكرية في ذكرى الاستقلال الـ 72، بقصيدة الشاعر طلال حيدر «وَحدن». إذ يعود بنا الملصَق بالذاكرة إلى باقة من وجوه شهداء، أمنيين، سياسيين، حزبيين، صحافيين، مدنيين… روَوا بدمائهم استقلال لبنان، وعمَّدوا بكلماتهم حرّية التعبير فيه، وبوفائهم لهويتِهم نالوا لقبَ الشهيد.

«كلّنا للوطن»، تصدّرَت عنوان الملصَق وتقدّمت وجوه الشهداء الذين شكّلوا غيضاً من فيض قافلة شهداء طويلة يضيق الملصق لذِكر أسمائهم جميعاً، نظراً لامتدادهم على خريطة الوطن من أقصى الشمال إلى الناقورة جنوباً. على تعدّد انتماءاتهم ضحّوا بأثمن ما لديهم، فوَهبوا وطنَهم الحياة.

في هذا السياق، توضِح منسّقة الحملة بيتي هندي الغايةَ من هذا الملصَق، قائلةً: «في الذكرى الـ 70 لعيد المؤسسة العسكرية، أطلقنا حملة الجامع المشترك، وركّزنا على المساحة المشتركة وأنّ ما يجمع اللبنانيين أكبر ممّا يفرّقهم، لذا لمناسبة ذكرى الاستقلال نُصِرّ على توسيع التلاقي بين اللبنانيين، من خلال تذكيرهم «أنّنا كلّنا للوطن»، رسالة توَحّدنا في الشهادة، في تقديم الدماء على مذبح الاستقلال».

وتضيف: «أيّ من العائلات لم يسقط لها شهيد؟ أيّ أمّ لم تخسر ابناً أو أختٍ لم تخسر والداً؟ فكلّ العائلات قدّمت خيرةَ ما لديها في سبيل بقاء لبنان. من هنا أهمّية الرسالة في تذكير اللبنانيين بأنّنا جميعاً للوطن، دماء الشهداء تُوحّدنا، وبفضل دماء هؤلاء الشهداء بقيَ لنا ما نسمّيه الوطن».

وفي نظرة تأمُّلية للملصق الذي حمل وجوه الشهداء الأبطال، يتبيّن أنّه متعدّد الرسائل، ولا يقف عند حدود تعزيز الوحدة بين اللبنانيين، إنّما يُجسّد روح الانفتاح التي تتحلّى بها المؤسسة العسكرية، وحرصَ البقاء على مسافة واحدة من جميع أبناء الوطن.

وفي هذا السياق تلفتُ هندي «إلى تكريس روح انفتاح المؤسسة العسكرية على جميع أبناء الوطن من خلال هذا الملصق واختيار قدر المستطاع مروحةً كبيرة من الشهداء من دون تفرِقة أو تمييز، وباقةً تمثيلية لمختلف الأطياف والمذاهب والفئات والمستويات الفكرية، من سياسية، حزبية، صحافية، مدنية». وتضيف: «لا شكّ في أنّ التنوّع الذي شهدَه الملصق، يؤكّد ثوابتَ ثلاثاً تؤمِن بها المؤسسة العسكرية: الانفتاح، تقَبُّل رأي الآخر، والإيمان بالتعدّدية والديموقراطية».

وعلى مستوى المعايير المعتمدة لاختيار فكرة دون غيرها، توضح هندي: «هناك جملة معايير أبرزُها الظروف التي تمرّ بها البلاد وما تحتاجه الأرض والمجتمع من رسائل، مثل التضامن، نَبذ الطائفية وغيرها من رسائل».

على المستوى اللوجستي

أمّا عن المسار الذي سَلكته الفكرة قبل إبصارها النور، والوقتِ الذي استلزَمته، فتقول: «إنطلقَت الفكرة بَعد عصفٍ دماغيّ في وجود قائد الجيش العماد جان قهوجي، فطرحَ فريق العمل مجموعةً من الأفكار، وفي نهاية المطاف اخترنا الفكرة الأقوى».

وتضيف: «منذ نحو شهرين بدأنا الإعدادَ للحملة وتبادُلِ الأفكار، وإضفاء التعديلات، فالفكرة لم تلِد في ليلة وضحاها، إنّما بعد جهد جهيد، تبادُل أفكار، واجتماعات متلاحقة، وبعدما اكتملَت الفكرة، نَفّذ الملصق سامي صعب في غضون 3 أسابيع».

لا تُنكِر هندي أنّ «الحِرفية وجذبَ الانتباه من المسائل الأساسية التي تحرَص المؤسسة العسكرية على توخيها في مختلف حملاتها بالإضافة إلى الأبعاد الوطنية الجامعة».

العسكريّون المخطوفون… «بالقلب»

في موازاة تلك التحية الوطنية للشهداء، حالٌ من الارتباك لامسَت قلوبَ أهالي العسكريين المخطوفين، والخشية من نسيان أبنائهم الأحياء والانهماك بالشهداء. في هذا الإطار، تؤكّد هندي «أنّ صوَر العسكريين المخطوفين في ذهنِ المؤسسة وهاجسِها، وقلبها»، متمنّيةً لهم العودة «بألف خير».

#كلنا_للوطن

وتزامناً مع إطلاق الحملة، التي شغلت الشاشات واللوحات الإعلانية، إشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي بصورة الملصق التي تبادلها الملايين.

وانطلق هشتاغ كلنا_للوطن مثل النار في الهشيم على موقع تويتر محلّقاً في المرتبة الأولى. وقد حصد إعجاب اللبنانيين، كذلك المغتربين منهم، فأطلقوا العنان

لـ #كلنا_للوطن مع صورة الشهداء مرفقة بجملة من العبارات والتعليقات المؤثّرة، منها: «نموت كي يحيا الوطن، رغم سيئاته لا نستطيع العيش من دونه، كلنا للوطن كلنا للجيش اللبناني، الشهداء يتساقطون على جانبَي الطريق لأن الطغاة يسيرون وسطها، أي استقلال والجمهورية بلا رئيس؟، كلنا بأمر الوطن، كلنا لحمايته، الأمر لك يا وطني، خذوا المكاسب والمناصب بس تركولنا الوطن».

وفي الختام، يبقى أن نتذكّر مقولة «لا تقُل ماذا أعطاني الوطن، بل قُل ماذا أعطيت أنا للوطن»، تيمناً بالشهداء الذين ارتفعت صوَرهم في الملصق، بعدما قدّموا دمهم على مذبح الإستقلال.