كل الطرق تؤدي إلى آخر تشرين الأول، موعد الجلسة السادسة والأربعين لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولكن ليس بالضرورة أن تكون الجلسة المقبلة هي الأخيرة، فالنار الهادئة التي وُضعت تحت طبخة الرئاسة، ليس بالضرورة أن تكون كافية، حتى ذلك التاريخ، للسماح بالقول إنَّ تشرين الثاني سيكون بداية العهد الجديد. فالكثير من الأمور لم ينضج بعد، لا على المستوى الدولي ولا على المستوى الإقليمي ولا على المستوى العربي وحتى على المستوى اللبناني الداخلي.
من علامات عدم نضوج الظروف الدولية، الزيارة التي قام بها الرئيس سعد الحريري لموسكو، ولقاؤه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
زعيم تيار المستقبل شاء أن يضرب عصفورين بحجر واحد في هذه الزيارة:
الأول أن يحصل على ضمانة روسية بالنسبة إلى النظام اللبناني، الذي يغالب الحرائق السياسية والعسكرية المندلعة من حوله. والثاني استكشاف الموقف الروسي من الإنتخابات الرئاسية اللبنانية.
الواضح من خلال الأجواء التي سادت، أنَّ روسيا تقف إلى جانب لبنان، لكنها منخرطة حتى أذنيها في التطورات السورية، وتضع الملف السوري في رأس أولوياتها، ولا ملف يتقدم على هذا الملف بالنسبة إليها. أما الأمر الأساسي لديها فهو أنه لم يعد هناك أي فيتو على أي مرشح، وهذا ما يُفتَرض أن يجعل الإستحقاق شأناً داخلياً أكثر منه خارجياً.
بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، فإنها غارقة في انتخاباتها الرئاسية، التي ستجري في الثامن من تشرين الثاني المقبل أي بعد شهر تماماً.
على المستوى الإقليمي، فإنَّ إيران توحي بدورها أنَّ الإنتخابات الرئاسية هي شأن لبناني، وهي بهذا المعنى تُعفي نفسها من أي جهد.
أما عربياً، فإنَّ المملكة العربية السعودية تأتي في الواجهة، لكنها تدعم مساعي ولا تضع نفسها في المقدمة.
في ظل كل هذه المعمعة، يعود الملف إلى الداخل حيث جميع الأطراف يُحسِّنون شروطهم استعداداً لِما يمكن أن تكون عليه جلسة آخر تشرين الأول:
يأتي في المقدِّمة المرشح الأبرز العماد ميشال عون الذي يحاول من خلال إطلالاته التلفزيونية أن يعطي الإنطباع بأنه سيكون على مسافة واحدة من جميع الأطراف وأنّه متمسك باتفاق الطائف، سواء الذي تحوّل إلى دستور، أو بعض البنود التي بقيت على شكل تعهدات، وما زالت أمام العماد عون حفنة من الأيام ليعيد ترتيب أفكاره وموقفه من الجمهور الآخر الذي يعمل على طمأنته.
أما الأطراف الأخرى فإنها تواصل الجهود.
لكن كل ذلك لا يعني أن الرئاسة أصبحت في الجيب، فمسألة السلة، يبدو أنَّ الرئيس بري متمسك بها حتى نهاية المطاف، وهذه السلة تتضمَّن:
التوافق المسبق على قانون الإنتخاب وعلى تشكيل الحكومة في العهد الجديد وتوزُّع القوى فيها، وعلى الحقائب الرئيسية، وعلى الخطوط العريضة للبيان الوزاري، وعلى السياسة الخارجية. كل هذه النقاط هل يمكن انجازها في ما تبقّى من أيام حتى نهاية الشهر؟
هذا هو السؤال الكبير.