Site icon IMLebanon

اللهاث» الى كسب الود الغربي والأميركي؟

ليس من السهل أن تقنع بعض اللبنانيين باستحالة عودة بعض السفارات الغربية والأميركية الى سوريا في المدى القريب. فهم يعتقدون أنها حاصلة بفِعل «موجات مزعومة» من التنسيق الإستخباري بينها وبين دمشق أو عبر بوابة ملف ايران النووي، في وقت أنجزت هذه الدول إقفال مكاتبها التمثيلية هناك تزامناً مع نفي وجود ايّ تنسيق. فما الدافع الى السباق لكسب الود الأميركي والغربي؟

أغرقت مواقف وزير الخارجية الأميركية جون كيري والمواقف المتناقضة لإدارة بلاده وأجهزتها الإستخبارية، وصولاً الى سيل البيانات الصادرة عن الحكومات الغربية التي أكدت عدم اعترافها بالنظام السوري أو بإجراء أيّ اتصال معه، الملف السوري في بحر من التناقضات.

وهو ما سمح بكثير من السيناريوهات التي لا تُجمع سوى على حقيقة واحدة، وهي انّ الحرب مستمرة فيها بكل أشكال المواجهات القائمة على أرضها مهما تغيّر اللاعبون.

وفي مقابل تعدد أشكال المواجهة الديبلوماسية والعسكرية حول سوريا وفيها، يصرّ طرفا النزاع على تبنّي انتصارات يحققانها تارة في قرية في ريف حلب او في جنوب درعا او في ريف دمشق. من دون أن تظهر إمكانية حسم ايّ من الطرفين للمعركة الكبرى.

وكأنّ ما يجري هو مجرد تجميل أو تحصين خطوط تماس يخشى ان تكون قد تحوّلت حدوداً ثابتة تحدد الأحجام الجغرافية والعسكرية وترسم حدود السيطرة ما بين النظام والمعارضين.

وعلى وقع كثير من السيناريوهات غير الثابتة، هناك من ينتظر انتصاراً ايرانياً في المفاوضات الجارية بين طهران من جهة والولايات المتحدة الأميركية ومجموعة الدول (5 +1) ليتغيّر الواقع في سوريا وينتصر نظامها، ليكرّس ما حققه من سيطرة على الأرض بمجرد الوصول الى تفاهم غربي – إيراني.

وهو انتصار يمكن استثماره في غير سوريا وصولاً الى مناطق التوتر بينهما في العالم وتعزيز قدرات حلفاء ايران فيها واستكمال السيطرة على كل مناحي السلطة فيها سواء بالنسبة الى الساعين الى قلب الأنظمة كما في اليمن أو احتفاظ الأنظمة بسيطرتها على أراضيها كما في سوريا.

ويلاحظ العارفون انّ اللبنانيين هم من أكثر المتأثرين بالنظرية الثانية التي تقول إنّ المصالحة الإيرانية – الأميركية – الغربية هي الطريق الأقصر لتحقيق مشاريعها السياسية على الساحة اللبنانية. والتي تبدأ بانتخاب الرئيس العتيد للجمهورية الذي طال انتظاره أكثر من عشرة أشهر حتى اليوم، توصّلاً الى قلب الموازين في المرحلة التالية.

وكل ذلك يجري، وقد فات البعض أو تجاهلَ التأكيدات الإيرانية قبل الغربية التي تقول انّ طهران رفضت ان يستدرجها أحد من الدول الغربية الى تفاهمات جانبية حول ملفات المنطقة، حيث تدور المواجهة بينهم على أكثر من ساحة ما لم يُصَر الى البتّ أولاً ببرنامج العقوبات القاسية المفروضة على ايران ليكونوا جاهزين في ما بعد للبحث في الملفات الأخرى.

وعلى وقع هذه القراءة ترفض مصادر ديبلوماسية عليمة أن تصدّق هذا الطرح بكل وجوهه. وتشير الى انّ البحث في الملف النووي بين ايران وبقية المحاورين يتزامن مع نقاش عميق في ملفات جانبية تعني حلفاء الدول الغربية وإسرائيل المتوجسين من أيّ تفاهم معها، ويعطيها دوراً أكبر في الخليج والشرق الأوسط.

وهو ما لا تريده هذه الدول، ولن توفر وسيلة لضرب هذه التفاهمات مع طهران وتأجيلها الى أن يصار الى البتّ بمصالحها أولاً، ووَضع حد لطموحات ايران الإقليمية في المنطقة وسط زهوها بوَضع اليد على اربع او خمس دول عربية وضعت قوّتها العسكرية المتطورة على ابواب البحر الأحمر الجنوبية، كما على الحدود الشمالية والشرقية لإسرائيل من جنوب لبنان الى الجولان المحتل.

وفي ظل هذه المعادلات الإقليمية والدولية المعقدة، هناك من ينتظر إزالة اسمه عن لوائح الإرهاب الدولية، ما يشكّل انتصاراً بدأت تتظهّر معالمه من تفاهمات لوزان وملحقاتها. وهو يستعد للاحتفال بالمصالحة الكبرى مع واشنطن، التي ستتحوّل «الصديق الأكبر».

وبناء عليه، تتعدد الأسئلة ومنها: كيف سيكون شكل هذا الإنتصار ومضمونه؟ وكيف يمكن ترجمته؟ وما الذي سيجنونه من مثل هذه المصالحة التاريخية مع الغرب وأميركا؟ انها أسئلة تنتظر أجوبة سيطول انتظارها الى حين؟