يُعقد اليوم في نيويورك، الاجتماع الثالث للمجموعة الدولية الإقليمية حول سوريا. وكان عقده مهدداً قبل زيارة وزير الخارجي الأميركي جون كيري لروسيا الثلاثاء الماضي، نظراً إلى مطالب موسكو ومواقفها، إلا أن زيارة كيري أفضت إلى قبولها باستمرار عقده في موعده، لكن لا تزال هناك نقاط تباين بين واشنطن وموسكو حول الحل، وفي مقدّمها مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد.
ومصير الأسد سيُناقش، وسط استمرار للخلافات في وجهات النظر حول ذلك، الغرب يريد التوصل الى تفاهم حول موعد مغادرة الأسد الحكم في المرحلة الانتقالية، وما إذا كان في منتصف هذه المرحلة أو في نهايتها، او حتى في بدايتها. إنما روسيا وإيران تقولان إن على الشعب السوري ان يقرر مصيره. وتكشف مصادر ديبلوماسية، أن روسيا وإيران لن تتخليا عن هذا الموقف، لأن في ذلك تخلياً عن ورقة تفاوضية تمكنهما من تحقيق مزيد من المطالب والمصالح، وهي ورقة أساسية بالنسبة اليهما. إذ إنه في حال وافقتا على رحيله بهذه البساطة، فلن يعود هناك من فريقين دوليين متناقضين حول أهداف معينة. وبالتالي، إصرارهما على بقاء الأسد طبيعي من باب التمسّك بتلك الورقة لتحقيق شروط أفضل في أية عملية سياسية.
كل ذلك يعني أن اقتراب رحيل الاسد غير مضمون على الرغم من صدور خارطة طريق الحل السياسي في اجتماع فيينا الثاني للمجموعة الدولية الاقليمية. مصير الأسد لا يزال غير واضح، وهو ما على الدول توضيحه والتفاهم حوله لمنع تفسيرات متعددة كما حصل مع «وثيقة جنيف». وايران وروسيا لم تعلنا مرة واحدة ان الاسد سيغادر السلطة. كما لم يحصل في فيينا اتفاق على انتهاء حكمه وتوقيت ذلك. ولم يلحظ بيان فيينا شيئاً عن الأسد، وقد رفضت روسيا وإيران كل إشارة إليه في مشروع البيان الذي خلا من اسمه فعلاً.
وفضلاً عن ذلك، سيبحث الاجتماع وضع آلية محددة لوقف إطلاق النار في سوريا. إذ إن بيان فيينا نص على وقف النار ابتداء من كانون الثاني المقبل وبدء محادثات سلام بين النظام والمعارضة.
روسيا لم تكن متحمسة لاجتماع نيويورك، الامر الذي حدا بوزير الخارجية الاميركي لزيارتها تلافياً لتعطيل الاجتماع، الذي يناقش الخطوات التفصيلية لبيان فيينا. ولان المواضيع بالغة الدقة وكانت تحتاج الى لقاء كيري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكانت المؤشرات تقول إن اجتماع نيويورك سيتأجل. الاميركيون يتهمون الروس بأنهم يعرقلون لكي يكسبوا دوراً أكبر. موسكو كانت ترفض مكان الاجتماع، لأن الولايات المتحدة برأيها، على أراضيها تكون ماسكة اوراق اللعبة كلها وادارتها، لذلك فضّلت ان يكون الاجتماع في اوروبا، وهذا ما كانت تفضله إيران أيضاً. أي في أمكنة محايدة في أوروبا، لا تعطي لأي فريق سلطة على الفريق الآخر. ولهذا السبب لم يقع الاختيار على باريس او لندن او موسكو. وهناك خلافات بين الدول على الادوار التي يفترض أن تتمتع بها كل دولة خلال الاجتماعات.
موسكو تجاوزت مواقفها السابقة حول جهود توحيد المعارضة السورية حيث كانت قد اعتبرت ان من بين الفصائل إرهابيين. روسيا تطالب، لا بل تلح، على تصنيف الجهات الارهابية، وكلف الاردن بالقيام بهذه المهمة عبر إعداد لائحة بالمنظمات الارهابية، لكن مصادر ديبلوماسية استبعدت ان تضم اللائحة اطرافاً جديدة غير «داعش» و»جبهة النصرة». هناك 2000 مجموعة تقاتل في سوريا. لكنّ هناك فارقاً بين المجموعات، فمنها تضم 100 مقاتل ومنها ما يصل عدد أفرادها الى 6000. المجموعات الكبيرة معروفة وسيكون لها دورها في العملية السياسية، وفي انتظار نتائج الدور الأردني والاجتماعات على مستوى الأمنيين، فإن الكل متفق على أن «داعش» و»النصرة» هما الإرهابيتان وهذا موقف مجلس الأمن منهما، ولن يتم الاتفاق على اي منظمة إرهابية جديدة.
الغرب يشكّك دائماً بنيات الروس ويعتبر أنهم لا يضربون «داعش» بل المعارضة المعتدلة. كما أن الغرب يطالب بحل متوازن يؤدي الى رحيل الاسد. أي أنه يجب أن لا يكون للأسد دور في مستقبل سوريا، والغرب يشكك بصدقية الدور الروسي حول الحل.
بالنسبة الى تشكيك الغرب بأن روسيا تضرب المعارضة المعتدلة اكثر مما تضرب «داعش»، تقول المصادر، إنه منذ 30 أيلول الماضي حتى اليوم ضربت روسيا 80 في المئة من أهدافها، المعارضة المعتدلة، و20 في المئة «داعش». في المقابل، يهم الروس صدور لائحة بالمنظمات الارهابية، لا سيما الجماعات التركمانية المسلحة التي يجب إدراجها على تلك اللائحة. والسبب ان روسيا حمّلت مسؤولية إسقاط طائرة «السوخوي» الروسية الى التركمان. ويأتي هذا الموقف من باب الضغط على تركيا، لتصعيد الأمور رداً على إسقاطها.