غياب الكتل المسيحية يربك «ميثاقية الحفاظ على الوطن»
ورقة الجلسة التشريعية: «صولد» أم تمريرة من «التيار»؟
وفي ذكرى مرور عام على الجلسة التشريعية الأخيرة لمجلس النواب، دعا الرئيس نبيه بري إلى جلسة أخرى.
بحسب الدعوة، فقد حدد موعدها يومي 12 و13 الحالي، ما يعني أن عاماً وأسبوعاً يفصلان بين الجلسة التشريعية والتي تليها، هذا إذا انعقدت. ومع افتراض أنها ستعقد فعلاً، فإن هذا يعني أن إنتاجية المجلس الممدد لنفسه خلال طيلة هذه الفترة ستكون: جلسة تشريعية واحدة فقط، إذ إن الجلسة السابقة كانت هي نفسها جلسة التمديد للمجلس الحالي (يرفض كثر من النواب الحديث عن تقصير، مذكّرين أنهم يحضرون اللجان ويهتمون بشؤون أبناء دوائرهم الانتخابية!).
صحيح أن كل الكتل كانت في جو الدعوة لانعقاد الجلسة، بعدما نوقش الأمر في جلسة هيئة مكتب المجلس أمس الأول، لكن ذلك لا يبدو كافياً لعقدها. وإذا كان الرئيس نبيه بري قد أكد، في «لقاء الأربعاء» أمس، أن «استئناف العمل التشريعي بات أكثر من ضرورة للبلد، ولا يمكن أن يستمر هذا الوضع على ما هو في ظل المحاذير المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تتفاقم يوماً بعد يوم»، فإن ذلك لم يؤثر على موقف «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر» المصرّيْن على إدراج بند قانون الانتخاب في جدول أعمال الجلسة.
إذا غاب «التيار» و «القوات» و «الكتائب» عن الجلسة، سيكون بري تحت ضغط كبير، حيث يتوجب عليه أن يختار بين أمرين أحلاهما مر. فإذا عقد الجلسة بمن حضر، على ما يدعو عدد من النواب ومنهم نواب في كتلته، فإنه سيكسر تفسيره للميثاقية، بوجوب حضور الكتل الممثلة لطائفتها، حتى تكون الجلسة ميثاقية. وللتذكير، فقد أصر بري في جلسة التمديد على حضور «القوات» بوصفها إحدى الكتل الثلاث الممثلة للمسيحيين، كما سبق له أن رفض عقد جلسات يقاطعها «المستقبل» للسبب نفسه. وبالتالي، فإذا التزم حرفية النص الذي يربط دستورية الجلسة بحضور 64 نائباً، أو إذا التزم القراءة الموسعة للميثاقية التي تكتفي بحضور ممثلين عن كل الطوائف، وفي الحالة الراهنة النواب المسيحيين، بغض النظر عن انتمائهم (يصل عدد النواب المسيحيين من خارج الكتل الثلاث إلى نحو 30 نائباً)، سيكون المجلس أمام مرحلة جديدة تتغير معها معايير اللعبة التي وضعها بري بنفسه. علماً أن الأخير، أشار، في لقاء الأربعاء أمس، إلى أنه «آن الأوان أن نلتفت جميعا الى مصلحة البلد وان نتحمل مسؤولياتنا»، موضحا ان «الميثاقية تعني بالدرجة الاولى الحفاظ على الوطن والمواطن، لا زيادة التعطيل والانهيار». وهو ما فُسر على أنه التحذير الأخير من بري، قبل أن يلجأ إلى «ميثاقية الحفاظ على الوطن والمواطن».
أما إذا التزم بري بقراءته للميثاقية، وغابت الكتل المسيحية الثلاث، فسيضطر إلى رفع الجلسة قبل أن تبدأ. وهو ما يعني ازدياد معدل المخاطر التي تواجه لبنان خارجياً، ولا سيما ما يتعلق باحتمال وضعه على لائحة الدول المتخلفة مالياً واقتصادياً، وبالتالي تخفيض تصنيفه الائتماني، بما سينعكس سلباً على المصارف والتحويلات المالية.. أضف إلى ما يركز عليه كثر من احتمال ضياع بعض القروض المرصودة من البنك الدولي للبنان.
ماذا سيفعل بري؟ لدى أحد أعضاء هيئة مكتب المجلس انطباع بأن رئيس المجلس مطمئن إلى حضور «التيار الوطني الحر» للجلسة، متخطياً التزامه مع «القوات» عدم حضورها إذا لم يطرح قانون الانتخاب.
وإذ تتحفظ «القوات» على البوح بأي موقف يتعلق بالجلسة، مع تأكيد مقربين منها أنها حاسمة في التمسك بشرطها لحضور الجلسة، فإن ثمة من يؤكد أن «التيار الوطني الحر» لن يكون بإمكانه التمسك بإصراره على طرح قانون الانتخاب، خاصة أن جدول الأعمال يضم بندين، يشكلان مكسباً كبيراً له، وهما اقتراح القانون المعجل المكرر المتعلق باستعادة الجنسية واقتراح تعديل قانون الضريبة على القيمة المضافة، لجهة تحديد آلية توزيع وزارة الاتصالات أموال الخلوي على البلديات مباشرة.
وإلى أن تتضح معالم التسوية التي يفترض أن تشكل خرقاً وحيداً في سياق الشلل المستحكم بالمؤسسات الدستورية، التي صارت عاجزة عن المبادرة حتى لإنقاذ وجهها من الغرق في أكوام النفايات، فإن جدول الجلسة سيضم 40 بنداً، تتعلق معظمها بالموافقة على قروض، فيما أضيفت إليها أمس الأول القوانين المالية التي تبلّغ لبنان تحذيرات عديدة من مخاطر عدم إقرارها.