IMLebanon

ورقة الرئاسة  للبيع أم للتملك؟

ليس أخطر من الشغور الرئاسي سوى التسليم بأنه جزء من وظيفة مطلوبة للبنان وقت تغيير الدول، وضرورية في صراع المحاور الاقليمية والدولية الحالي. والأخطر أو الأسوأ منهما أن المواقف والممارسات العملية للتركيبة السياسية تناقض خطاب التحذير من ان استمرار الشغور الرئاسي وصل الى مرحلة حرجة وطنياً وسياسياً واقتصادياً وأمنياً تهدّد بانهيار الجمهورية. فالطاغي على المشهد هو التنظير للحسابات التي تجعل الرئاسة ورقة في اللعبة الاقليمية كأن ذلك من طبائع الأمور. وهو التبصير في فناجين الحروب في المنطقة والتطورات الاستراتيجية في العالم لتصور كيف ومتى يتم استخدام هذه الورقة على طاولة الصفقات.

والمفارقة هي التباري، من جهة في ربط الملف اللبناني بكل الملفات المغلقة والمفتوحة في المنطقة والعالم، ومن جهة أخرى في الشكوى من ان لبنان ليس على سلّم الأولويات في البلدان المؤثرة المشغولة بحروب سوريا والعراق واليمن وليبيا ومحاربة داعش وكل تنظيمات الارهاب.

والقلّة هي التي تقول ان انشغال القوى الخارجية عنّا أفضل من انشغالها بنا، ولا حاجة لأن نكون على سلّم الأولويات لكي نختار رئيساً للجمهورية. أما الكثرة، فانها تسخر ممن يتحدث عن المنطق الوطني والدستور، وترى أن قمة الواقعية هي انتظار ان تنضج ظروف الحلول السياسية في المنطقة بعد الاصطدام باستحالة الحلول العسكرية، بحيث تصل التسويات الى لبنان.

والمفارقة الأكبر هي المراوحة بين تبسيط التسوية وتعقيدها. ففي باب التبسيط يقال ان الرئاسة شأن داخلي لبناني وان كل ما يحتاج اليه حالياً فتح الطريق الى قصر بعبدا هو كلمة من الرئيس سعد الحريري بدعم ترشيح العماد ميشال عون. ولا أحد يجهل ما في هذا التبسيط من تعقيدات وحسابات محلية واقليمية ودولية. وفي باب التعقيد يقال ان ورقة الرئاسة في يد ايران، ولا فرصة حالياً لاستخدامها في صفقة مع السعودية وسط الصراع بينهما، والأفضلية هي لأن تلعب طهران الورقة مع واشنطن، ولكن بعد وصول رئيس جديد الى البيت الأبيض. ولا أحد يجهل أيضاً ما في هذا التعقيد من تبسيط.

والسؤال الذي لا مهرب من طرحه هو: ماذا لو كانت ورقة الرئاسة للتملك لا للبيع؟ ماذا لو كان من يغلق لعبة الرئاسة يراهن على تطورات لمصلحة محور الممانعة في سوريا والعراق واليمن مصحوبة بتحالف مع روسيا والصين، بحيث يفتح لعبة الجمهورية كلها؟ لا مجال بالطبع لسماع جواب، غير النفي، من أهل الممانعة. ولا أحد يجهل ما يقف أمام هذا الرهان من عقبات ومصالح قوى داخلية وخارجية، وما يجعل الانتصار الكامل لأي طرف في حروب المنطقة مهمة مستحيلة.