IMLebanon

مفارقاتٌ لبنانية لكن المجهول هو الطاغي

إنها السرّيالية، أو إنه المضحك المبكي، أو إنها المفارقة، أو إنه التصميم اللبناني على تجاوز المصاعب مهما كان الثمن.

وزير الإتصالات بطرس حرب يُعلِن من السراي الحكومية خطة وزارة الإتصالات للسنوات الخمس المقبلة تحت عنوان:

لبنان 2020 رؤية الإتصالات الرقمية، فيما البلد لا يعرف أبناؤه ماذا يُخبِّئ لهم الغد! نتحدَّث عن خمس سنوات إلى الأمام فيما لا نعرف كيف نتحدث عن خمسة أيام إلى الأمام.

كلام الوزير حرب من السراي جاء في حضور رئيس الحكومة تمام سلام الذي، وهو يستمع إلى الوزير حرب، يُفكِّر في جلسة مجلس الوزراء الذي لم يكن يعرف مصيرها ونتائجها، وربما كان يفكِّر بين خطة الخمسة أعوام ومجهول الخمسة أيام.

***

في مطلق الأحوال، إنّه القَدَر اللبناني الذي يعيش أبناؤه كلَّ يوم بيومه من دون القدرة على النظر إلى ما يخبئه الغد.

***

عيِّنة صغيرة من هذا المجهول تظهر كم أنَّ الواقع سوداوي، فالوزارات قد تكون على وشك التوقف عن دفع رواتب موظفيها ما لم يجتمع مجلس الوزراء ويُقر السلفة المالية للرواتب من احتياط الموازنة غير المقرة، فأيُّ خططٍ وأيَّ تخطيطٍ في غياب هذا المجهول؟

عينةٌ أُخرى من المخاوف حيث أنَّ لبنان مهدَّدٌ بتضييع مبالغ على شكل قروض وهِبات من مؤسسات دولية، فإذا لم يقرَّها مجلس الوزراء فإنّها ستذهب إلى دول أخرى.

***

إذاً، ماذا بعد؟

وإلى أين ستوصل الإرتجالية البلد؟

كما المكتوب يُقرأ من عنوانه كذلك جلسة مجلس الوزراء تُقرأ من عنوانها، فالبند الإشكالي لن يجد تسويةً في الوقت الراهن حيث ان وزير الدفاع يرفض طرح موضوع التعيينات العسكرية لأنَّ فيه تجاوزاً لصلاحياته، مثله مثل سائر البنود الأمنية التي عولِجَت سابقاً. كلُّ ذلك تحت سقف عدم السير بالوضع إلى الهاوية بعد تدهور الأوضاع في المنطقة بشكلٍ دراماتيكي، من تونس، إلى مصر، إلى اليمن، إلى العراق، وصولاً إلى سوريا.

***

ربما تَداركاً لأيِّ انفجارٍ سياسي، تعمَّد الإطفائي السياسي، الرئيس نبيه بري ترؤس جلسة الحوار الرابعة عشرة أمس في عين التينة بين تيار المستقبل وحزب الله، والتي أنهاها بإفطار على شرف الحضور، وفي حضوره بغية إضفاء جو من الدفء بين المتحاورين خصوصاً بعد الصدامات الأخيرة على الطريق الساحلية، كما ان الجلسة المقبلة ستكون بعد عيد الفطر المبارك خاصةً أنَّ أقطاب تيار المستقبل، ومنهم المتحاورون مع حزب الله، سيتوجهون قبل الثاني عشر من تموز إلى السعودية للمشاركة في خلوة دعا إليها الرئيس سعد الحريري، ويشارك فيها عدد من وزراء ونواب وقيادات المستقبل.

***

تأتي كلُّ هذه التطورات على وقْعِ انعكاسات سلبية على لبنان من جراء أحداث المنطقة وتطوراتها، ومن هذه الإنعكاسات السلبية استمرار تدفق النازحين السوريين وتحول لبنان إلى تجمعات عشوائية، حيث أثبتت أحدث الدراسات أنَّ لبنان يعجُّ بالمخيّمات العشوائية للنازحين السوريين والتي أصبحَ عددها 1700 مخيَّم من دون أيِّ رقابةٍ لأجهزة الدولة عليها لا صحياً ولا تربوياً ولا إجتماعياً ولا أمنياً أحياناً، وهذا الواقع غير مسبوق ويهدد بإنجاز ديموغرافي لا تُعرَف عواقبه.

كل ذلك وما يزال البعض يتلهى ببند من هنا وبند من هناك، فعلى ماذا سنستفيق غداً؟