Site icon IMLebanon

لودريان.. و روز و جريس

 

 

جلست روز الثمانينيّة إلى جانب جارها وزميل دراستها جريس على مقعد خشبي في إحدى القرى، يتسامران، فقالت له: صَرلك 60 سنة بتوعدني بالزواج يا جريس. فأجابها: وبَعدني عالوعد.

 

هكذا هي حال السلطة اللبنانية مع المجتمع الدولي والدول المانحة والشعب اللبناني، من باريس 1 إلى باريس 2 إلى باريس 3، وسيدر 1 وسيدر 2، تَعِد السلطة اللبنانية المجتمع الدولي منذ سنوات وسنوات، بوَقف الهدر والفساد واستغلال النقوذ، وتنفيذ إصلاحات جذرية وحاسمة، لكنها لا تَفي بأيّ من وعودها، حتى حلّت الكارثة بالشعب اللبناني وراحت تنهار القطاعات الإقتصادية والمالية والإستشفائية والتربوية.
على هذا الواقع الأليم، يعود وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان غداً الى بيروت، ليقول لقياصرة السلطة في لبنان: «منذ عشرين سنة تطلقون الوعود بالاصلاح والنأي بالنفس عن نزاعات المنطقة»، وسيسمع الأجوبة نفسها: وبَعدنا على الوعد.

 

هذه المرة، لن يرتدي الضيف الفرنسي قفازات ديبلوماسية، ولن تخفّف كمّامات كورونا من قساوة لهجته وتحذيراته لتعنّت المسؤولين اللبنانيين. يدرك لودريان انّ مهمته مستحيلة مع طاقم احترف حرق بلده ليُشعل سيكاره، أن لا أمل مع مجموعة لن توقف ملء بطونها بأموال الفساد والاحتكارات والامتيازات والمحاصصات حتى لو مات الشعب جوعاً مثلما أُغرق في الظلمة والنفايات، وقطع رأسه في مقصلة المصارف.

 

ومع ذلك، يأتي لودريان في محاولة جديدة لتحذير السلطة اللبنانية من هدر الوقت ومغبّة الامتناع عمّا يَئِس المجتمع الدولي والدول المانحة من تأكيده وتكراره.

 

يأتي لودريان ليريح ضميره، ويقول: أللّهم اشهد أنّي بلّغت.

 

فرنسا أكثر حرصاً على لبنان من الطاقم السياسي اللبناني، وهي لا تخفي قلقها من احتمالات تفجّر الفوضى وأعمال العنف في لبنان نتيجة الفقر والبطالة وإفلاس شركات لا بل قطاعات، وإساءة الامانة بحق المودعين، وفي المقابل انكفاء السلطة عن أيّ قرار إصلاحي حقيقي لمواجهة الأزمة المالية الاقتصادية الاجتماعية القاتلة.

 

تقف فرنسا مذهولة من استهتار الطبقة السياسية اللبنانية بمصير البلد وصمّ آذانها عن سماع صرخات الناس واستغاثاتهم، وعدم إعلان حال استنفار وطوارئ مالية، اقتصادية، إصلاحية فوراً. ويسأل كبير السياسة الخارجية الفرنسية: كيف يمكن أن نساعد، أو يساعد أحد لبنان اذا كان اللبنانيون يرفضون مساعدة أنفسهم؟

 

ثلاثة عناوين رئيسة سيشدّد عليها لودريان:
أولاً، الاسراع في تنفيذ حزمة الإصلاحات، المتّفق عليها مع المجموعة المانحة.
ثانياً، الاسراع في «فصل لبنان عن التوترات والأزمات الإقليمية، والامتثال الكامل للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن، لا سيما القرارين 1559 و1701»، وهو ما يتلاقى الى حد كبير مع طرح البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لحياد لبنان.
ثالثاً، التأكيد مجدداً أنّ نتائج مؤتمر سيدر في 6 نيسان 2018، لا تزال سارية المفعول، وأنّ فرنسا والمجموعة المانحة مستعدة لمواكبة لبنان في الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
أخشى أن يسأل لودريان رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب: ماذا فعلتم منذ محادثاتنا الاخيرة في 28 نيسان الماضي؟ وأين أصبحت وعودكم بالاصلاح؟

 

وأخشى أن يردّ دياب بـ»أننا أنجزنا 97 في المئة ممّا وعدنا به».