زادت حدة الأزمة السياسية التي يشهدها لبنان بعد الكشف عن اتفاق مبدئي لاختيار رئيس وزراء جديد، وهو ما يُبقي ذلك البلد دون حكومة تدير شؤون الناس الى أمد غير محدود في ظل أسوأ أزمة اقتصادية يواجهها منذ الحرب الأهلية.
وبعد مرور أكثر من ستة أسابيع على استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري على أثر احتجاجات مناوئة للسلطة الحاكمة، تثير الأزمة المالية مخاوف متعلقة باستقرار لبنان، في ظل فرض البنوك قيوداً على حركة رأس المال، وشح الدولار، وفقد الليرة اللبنانية ثلث قيمتها في السوق السوداء.
وفي حين أكدت فرنسا استضافتها مؤتمراً دولياً لدعم لبنان امس الاربعاء وقالت إن ذلك يهدف إلى الضغط على بيروت للإسراع في تشكيل حكومة لتحسين الوضع الاقتصادي بالرغم من عدم وضوح أي رؤية حول إمكانية تقديم أموال للبنان من الدول المانحة على صورة قروض وليس هبات، وفيما يوضح أحد الموفدين الفرنسيين الى لبنان أن اجتماع بارس يهدف الى حض السلطات اللبنانية على إستيعاب خطورة الوضع ،تبدو أزمة تشكيل الحكومة الجديدة لن تتبلور في وقت قريب مما يعني أن الصورة متفاوتة بين نظرة الفرنسيين وواقع الحال اللبناني الذي ترى مصادر سياسية مطلعة أنه قادم على أزمة موسعة خصوصا بعد تسريب كلام منسوب لرئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري مفاده أن من يريد تشكيل حكومة تكنو سياسية عليه أن يسرع ولا ينتظره هو شخصيا، مما يعني حسب هذه المصادر أن البحث خارج أي توجهات لحكومة تكنوقراط أو اختصاصيين لا دخل للحريري بها وهذا ما لا يتناسب مع المطالب الدولية خصوصا منها المانحة في تسهيل ولادة الحكومة.
وأن تضاؤل فرص إنهاء الأزمة سريعاً والذي ينعكس صراعا يصل حكما الى خارج الحدود اللبنانية وصولا الى الاقليمية والدولية مما يعقّد الاوضاع من سيئ الى أسوأ وقالت هذه المصادر أنه يجب الآن تسمية الحريري رئيساً للوزراء ما دامت طائفته تقف وراءه وفق النظام الطائفي المعمول به في لبنان، مضيفاً أن غياب هذا الامر سيعزز شرعية حكومة تصريف الأعمال التي يقودها الحريري إذا تأجل تشكيل الحكومة الجديدة، وقالت هذه المصادر أنه يجب أن تتم عملية تسمية رئيس الحكومة خلال هذا الاسبوع الحالي لانه سيعزز في غيابها فعالية الحكومة الحالية، ويبدو أن الاتجاه صوب هذا الخيار ممكن بعد تصعيد الحريري بواسطة أوساطه بالأمس حول كلام نهائي بإستبعاد التكنوسياسية.
وتوضح هذه المصادر أن لبنان أصبح في الهاوية لكن المسؤولين فيه لا يعترفون بهذا الواقع حيث تتفاقم الأزمة الاقتصادية منذ سنوات، بسبب السرقات والفساد وعمليات نهب أموال الناس الامر الذي جعل من لبنان صاحب واحد من أكبر أعباء الدَّين بالعالم. وخلال مؤتمر في باريس العام الماضي نجح لبنان في الحصول على تعهدات بمنحه ما يزيد على 11 مليار دولار شريطة إجراء إصلاحات لكنه فشل في تنفيذها لأن المطلوب شفافية مطلقة أمام الرأي العام الدولي والانتفاضة على حد سواء في حين فقد كثيرون وظائفهم أو تقلصت رواتبهم إلى النصف وقال وزير العمل إنه خلال أسبوع واحد فقط تقدم ما يزيد على 60 مؤسسة بطلبات لإنهاء خدمات جميع موظفيها، مع العلم أن هناك حوالى مئة ألف عامل سيخسرون وظائفهم مطلع العام المقبل.