من الرياض، افتتحت فرنسا جولة رئاسية جديدة بلسان وزيرة خارجيتها كاترين كولونا، التي اعلنت “ليس لفرنسا مرشح رئاسي”، طاوية عمليا وعلنيا صفحة الدعم العلني لمرشح “الثنائي الشيعي”، اقله شكلا، فاتحة الباب امام حل تسووي يقوم على توافق جديد، عرابه المبعوث الرئاسي الخاص الى لبنان وزيرَ الخارجية السابق جان إيف لودريان المعين، لنسج وحياكة السيناريو الانقاذي، على ان يحط في بيروت قريبا جدا،ً وقبل جلسة 14 حزيران الانتخابية.
في موازاة ذلك، سيناريو جديد من سيناريوهات جلسة الانتخابات الرئاسية، الاربعاء المقبل يسقط، مع اعلان كتلة الوفاء للمقاومة عن مشاركتها في الجلسة وتصويتها لمصلحة رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية وبالتنسيق مع عين التينة التي اسقطت خيار الورقة البيضاء، مع ما يعنيه ذلك استنتاجا من ان “الثنائي الشيعي” قد قرر تأمين النصاب اقله في الدورة الاولى.
اكيد ان التغيير المفترض في الموقف الفرنسي لن تلمسه الاطراف الداخلية، ذلك ان باريس لم تتنازل عن مرشحها الاول انما تهدف مبادرتها المتجددة الى التخفيف من حدة المواجهة المدمرة المتوقعة، وبالتالي بات البحث عن مرشح معارض مقبول ضرورة، بعدما انجزت مرحلة التحدي مهمتها، وفقا لمصادر مواكبة، مبدية اعتقادها ان الامور لم تتبدل بين المبادرة الثانية ومبادرة اليوم، لا اسما ولا ردود فعل.
ورأت المصادر ان باريس باتت اكثر ذكاء في لعبتها الحالية، اذ عمدت الى تغيير الفريق المفاوض، الذي اثار اعتراض الكثير من القيادات اللبنانية، نظرا لاسلوب تعاطيه، اذ ان الاختيار الجديد جاء ليراعي الى درجة كبيرة الولايات المتحدة الاميركية، فالموفد الجديد معروفة مواقفه المؤيدة لنظرائه في واشنطن في ما خص الملف اللبناني.
من جهة ثانية، فان التبديل الحاصل يراعي ما سمعه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي خلال زيارته الى باريس ولقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لجهة ان باريس لم تنجز اي اتفاق مع الشيعة على حساب المسيحيين، كما ترجم اللبنانيون الحركة الفرنسية السابقة، والتي خلقت اشكاليات تخطت الحدود اللبنانية وصولا الى الفاتيكان، التي يحكى عن دورها المهم والجاد في الكواليس، والذي ادى الى تغييرات جذرية في المشهد لم تكتمل صورتها بعد.
واشارت المصادر الى انه من المحتمل جدا ان يحضر وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، مبعوث ماكرون الشخصي إلى لبنان جلسة الانتخاب الاربعاء المقبل، حيث ينتظر وصوله الى بيروت في غضون ايام قليلة لمواكبة الوضع. وكشفت المصادر ان لودريان اطلع الرئيس الفرنسي منذ ايام على خطته للتحرك، المبنية على المامه الدقيق بالقيادات والافرقاء على الساحة اللبنانية، وبخفايا العلاقات التي تجمعها وتحكم تناقضاتها، حيث حصل على موافقة الايليزيه على بنود خطته، التي بقيت طي الكتمان، وان كشفت بعض خطوطها العريضة، مع زيارة الوزيرة كولونا الى كل من الرياض والدوحة، لاسقاط اي تدخلات قد تعيق الخطة الفرنسية الجديدة.
ازاء هذا الواقع، تخوفت المصادر من اتجاه الامور نحو مزيد من التصلب، خصوصا ان فرملة اندفاعة باريس نحو الضاحية قد بدأت منذ فترة، وهو ما اثار شكوكا كبيرة في حارة حريك، وهو واقع مرشح للتفاعل اكثر، في ظل التماهي المستجد للموقف الفرنسي مع الاميركي.
وختمت المصادر بان فرنسا اعادت تموضعها على ما يبدو، وتصحيح بوصلة تحركها لبنانيا، من خلال مراعاة الموقف المسيحي، بعدما لمست نقمة جدية انتجت وحدة مسيحية سياسية واصطفافا، اوصل الى اعتماد مرشح التحدي الوزير السابق جهاد ازعور.
فهل باتت حظوظ المرشح الثالث اكبر؟ وهل تنازل الفرنسيون عن ترشيح سليمان فرنجية؟ ام ان القصة كلها دخول اسم جديد الى حلبة المواجهة؟ الايام المقبلة كفيلة بتقديم الجواب.