IMLebanon

فرنسا وألمانيا تتنافسان على الكهرباء في لبنان

 

 

خطط الكهرباء تتسارع. صار محسوماً أن آلية المناقصة السابقة لن تتكرر. المطلوب شركات مدعومة من دولها لتتمكّن من تأمين التمويل لبناء المعامل. وبالفعل، يبدو أن هذه الشركات، ولا سيما «توتال» و«كهرباء فرنسا» من جهة و«سمينز» من جهة أخرى، أبدت استعدادها لبناء المعامل. بالتوازي يسير ملف التغويز. الخيارات عديدة، لكن لم تُحسم وجهته بعد، مع استمرار رئاسة الحكومة في إعطاء الأولوية لتنفيذ نتيجة المناقصة وتوقيع العقد مع «قطر بتروليوم»

 

من ضمن الخطط التي تنكبّ الحكومة على إعدادها، للكهرباء حصة أساسية. القطاع الذي أنهك خزينة الدولة في زمن البحبوحة، قادر على إغراقها في الإفلاس أكثر وأكثر في زمن الانهيار. وأي نية للإصلاح أو الخروج من الأزمة التي تعصف في البلد، لا بد أن تشمل تقديم حلول مستدامة لقطاع الكهرباء.

 

زوار السراي الحكومي كثر، بينهم خبراء ومستثمرون مهتمّون بموضوع الكهرباء. اللافت أن الجامع بين هذه الزيارات استعداد جهات أجنبية للمساهمة في تمويل معامل الكهرباء. هذا بالنسبة إلى المعنيين يعتبر دليل عافية، فالأزمة المالية لم تهرّب المستثمرين، وإن تغيّرت طبيعتهم. أقلّه هذا ما يظهر في الاجتماعات التي تُخصص لقطاع الكهرباء. أخيراً، تردّد أن وفداً فرنسياً زار عدداً من المسؤولين، ومن بينهم رئيس الحكومة، مبدياً استعداد فرنسا لتمويل الحل الشامل، أي معمل كهرباء، وإلى جانبه محطة غاز في البداوي. أصحاب المشروع هم شركتا «توتال» و«كهرباء فرنسا»، مع احتمال انضمام شركة «جي إي». يتردّد أيضاً أن العرض قد يشمل معمل الزهراني. لكنّ أياً من العروض لم يُحسم بعد بانتظار إعلان الحكومة عن وجهتها الطاقوية.

 

 

بعد زيارة الوفد الفرنسي سرعان ما حطّ وفدٌ يمثّل شركة «سيمنز» الألمانية رحاله في السراي أيضاً. تبدو الشركة الألمانية مهتمة بالاستثمار في لبنان أيضاً. حتى إنه يتردد أنها قدّمت عرضاً شاملاً للكهرباء والمحروقات يتراوح سعره بين 7.5 و8.7 سنت للكيلوواط. بحسب الاقتراح، يفترض أن يساهم بنك الصادرات الخارجية الألماني في تمويل المشروع، بعد موافقة الحكومة الألمانية. المشكلة الوحيدة أن العرض قُدم قبل يوم السبت الماضي، يوم إعلان التوقف عن السداد، ولم يعرف بعد ما هو تأثير تلك الخطوة على قرار الحكومة الألمانية.

بحسب مصادر متابعة، فإن الزيارات لم تقتصر على الفرنسيين والألمان. شركات عديدة مهتمّة بالاستثمار سعت إلى معرفة توجّهات الحكومة تمهيداً لتحضير ملفاتها.

حتى الآن يبدو ملف معمل سلعاتا نائماً. الرسميون يتعاملون معه على أنه أقفل. لا يعلنون ذلك، وعلى الأرجح لن يعلنوا. للأمر حساسيته لدى العونيين. وهم، حتى الآن يرفضون أي خطة للتخلي عن سلعاتا. بالنسبة إليهم يشكل ذلك ضرباً لخطة الكهرباء. سلعاتا هذا يتضمن شقين: معمل كهرباء بقوة 550 ميغاواط، كان يفترض الانتهاء منه في عام 2023، على أن تبدأ، في عام 2022، الاستفادة من 360 ميغاواط من طاقته، ومحطة تغويز، كانت جزءاً من مناقصة فتحت عروضها، لكن لم يتم بدء العمل بها.

تلك المناقصة تنتظر بدورها القرار الحكومي. سبق أن أعلن رئيس الحكومة، في خطاب التوقف عن سداد سندات اليوروبوندز، أن «خطة التغويز التي اعتمدتها حكومتنا ستحقق وفراً يصل إلى أكثر من 350 مليون دولار في العام». لم تعلن الحكومة رسمياً عن توجهها، بالرغم من أن الملف كان بنداً على جدول أعمال جلسة 28 شباط. اقترح وزير الطاقة حينها إعادة الملف إلى الوزارة على أن يعود إلى المجلس باقتراح بشأنه، بعد التفاوض مجدّداً مع الشركات التي شاركت في استدراج العروض.

طلب وزير الطاقة لم يمنع الوزراء من إبداء آرائهم من مسألة التغويز. هؤلاء متفقون على الحاجة إلى محطات التغويز، إلا أن الخلاف يتعلق بعدد هذه المحطات. رئيس الحكومة يميل إلى الالتزام بنتيجة المناقصة، مؤيداً بالتالي توقيع العقد مع شركة «قطر بتروليوم» التي قدّمت العرض الأفضل لبناء المحطات الثلاث. ذلك الموقف لا يتعلق بالمناقصة فحسب، ففي ظل ما يُشاع عن استعداد قطر لدعم لبنان، يُرجح أن يكون الأمران مترابطين.

قد لا يكون سهلاً تمرير مسألة بناء ثلاث محطات في الوقت الذي تؤكد كل الآراء التقنية، إضافة إلى البنك الدولي، عدم الحاجة إلى أكثر من واحدة في دير عمار… وفي الحد الأقصى واحدة أخرى في الزهراني. إلا أنه يتردد أن الحل سيكون موارباً، بحيث يوقّع العقد لبناء المحطات الثلاث، لكن عملياً لا يصار إلى إنشاء محطة في سلعاتا، ببساطة لأنه صار مستبعداً بناء معمل كهرباء هناك.

 

«سيمنز» قدّمت عرضاً بمعدل 8 سنت لليكلوواط

 

 

مسألتا المعامل ومحطات الغاز يُفترض أن لا يتأخر البت فيهما. لكن في مطلق الأحوال، ثمة شبه إجماع على عدم اللجوء إلى الطرق التقليدية – القانونية في إجراء المناقصات. ولذلك، يتوقع أن ينحسر دور إدارة المناقصات في هذه الصفقة لصالح لجنة وزارية – تقنية تعمد إلى استدراج عروض محصور، يتم فيه دعوة شركات محددة للتنافس في ما بينها، تمهيداً لتوقيع العقد مع صاحب العرض الأفضل.

كذلك فإن النقاش لم يُحسم بعد في مسألة إلغاء الفترة الموقّتة من خطة الكهرباء، واستبدالها بتسريع الحلول الدائمة، وإن كانت المعطيات المتداولة تشير إلى أن الأغلبية تؤيد التخلي عن الفترة الموقّتة. وهو الاقتراح الذي سبق أن قدمته إدارة المناقصات، معتبرة أن لا جدوى من تقسيم المشروع.

أما بشأن مسألة رفع التعرفة، فقد نوقش هذا الأمر في أكثر من مناسبة، وكذلك في اللجنة الثلاثية («التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«أمل») التي تسعى إلى الاتفاق على رؤية موحّدة لملف الطاقة. ومن الاقتراحات التي طُرحت كان رفع التغذية في بيروت إلى حدود 24 /24، بما يسمح عندها برفع التعرفة في العاصمة تحديداً، إلا أنه تم صرف النظر عن الاقتراح لغياب العدالة مع باقي المناطق.

واحدة من المشاكل هي إنجاز شبكة النقل. تلك الشبكة، حتى في حال إطلاق عملية بناء المعامل لن يكون بإمكانها نقل الكهرباء المنتجة. ولأن الشبكة ملك الدولة ولا يمكن تلزيمها عبر نموذج EPC، ولأن الدولة قد لا تكون قادرة على تمويل هذه المشاريع في الظروف الحالية، فإن البحث يشمل أيضاً كيفية إيجاد حلّ لهذه المعضلة، كالاتفاق على صيغة ما مع من يفوز بعقود المعامل.