يتأرجح تشكيل الحكومة بين هبّة باردة نحو التأليف وأخرى ساخنة قد تطيحه عند أقل موقف او تصريح، وان كانت الايجابيات سيطرت في مرحلة الفصح لدى الطائفة المارونية، الا ان المخاوف بقيت قائمة حيال ان يتعثر المسعى الذي نشط عبر عدة قنوات ومن سقوط المبادرات، بعد ان دلت المؤشرات التي ظهرت في الأيام الأخيرة الى حصول تقدم على عدة مستويات لاعتماد صيغة «الثلاث ثمانات» لحكومة من ٢٤ وزيراً، واستناداً الى التهدئة على جبهة بيت الوسط وبعبدا وضبط السجالات الحادة بينهما، وسبقتهم الى ذلك مقاربة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي أنهى التصعيد السابق ممهداً لتسوية صارت قريبة مما قد أدخل البلاد لبعض الوقت في مرحلة مختلفة أوحت بحلحلة للعقد وتغييرات على ملف التأليف تمشياً أيضا مع تأثير الضغوط الدولية التي مورست على المسؤولين قبل فترة للتعاون قسراً والذهاب الى تسوية مرضية.
الا ان الأجواء الايجابية التي طبعت المرحلة وتمثلت بموافقة الرئيس المكلف سعد الحريري على حكومة ٢٤ وزيراً من دون ثلث معطل، يمكن ان تكون وفق مصادر سياسية مؤشرا كاذبا لتفاؤل حذر، فالشيطان يكمن في التفاصيل، اذ تؤكد المصادر ان الأمور لا تزال في اطار المراوحة ما لم تترجم باتصالات او تقارب وسط انطباع سلبي تعزز في المرحلة الأخيرة مفاده ان الرئيس عون لا يريد ان تتشكل حكومة برئاسة الحريري، كما ان الرئيس المكلف يعتقد ان الرئيس عون يريد احراجه لإخراجه.
ومن ضمن الاشكاليات التي تنتظر المرحلة المقبلة العلاقة بين بيت الوسط وميرنا الشالوحي في ظل عدم حصول تواصل بين سعد الحريري وجبران باسيل مما قد يؤثر سلبا، خصوصا ان الحريري يحتاج الى ثقة تكتل لبنان القوي، كما ان التواصل غير قائم بين الحريري وعدد من المكونات السياسية مثل القوات اللبنانية الرافضة للمشاركة في الحكومة، أضف الى المؤشر السلبي من بكركي بانتكاسة العلاقة مجددا بين البطريرك بشارة الراعي وتصعيده تجاه حزب الله على اثر «الفيديو» المصور للراعي مما أطاح الجهود التي كانت مبذولة لتبردة الاجواء بينهما في الأسبوعين الأخيرين.
حتى اللحظة، فان عملية التأليف كما تؤكد مصادر سياسية لا تزال تدور في حلقة مفرغة، فالأجواء الايجابية التي طبعت المرحلة وتمثلت بموافقة الحريري على حكومة ٢٤ وزيرا من دون ثلث معطل لا تعني انتهاء التأليف.
وسط المعمعة الداخلية اتجهت الأنظار الى باريس التي تستضيف رئيس التيار الوطني جبران باسيل وما اذا كانت المحطة الباريسية ستقدم جديدا حكوميا او ستلحق سائر الخطوات التي حصلت في الداخل فيطير المسعى الباريسي ايضا ويضيع في الزواريب الداخلية، خصوصا ان الفرنسيين أحبطوا في مساع كثيرة بذلوها سابقا على خط الأزمة اللبنانية، فالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حضر مرتين الى بيروت وكان في صدد الزيارة الثالثة في كانون الأول عندما أصيب بكورونا وعقد لقاءات موسعة مع مسؤولين لبنانيين في قصر الصنوبر أعطيت له وعود من قبل السياسيين الذين عادوا وانقلبوا عليه بعد فترة.
فزيارة أي مسؤول الى باريس لا يمكن التعويل عليها كما ليس لها علاقة بالعقد الداخلية فرئيس الجمهورية على موقفه من التعاون مع الرئيس المكلف على الرغم من التطمينات من قبل بعبدا بأن لا فيتو على الحريري بل ان العقدة في عدم قبوله الشراكة الحكومية فقط، فيما الحريري لديه قناعة أكيدة ان هناك من يريد احراجه لإخراجه.