سدت كل المنافذ الى الحل السياسي والديبلوماسي، فلا شيىء حاليا يعلو فوق صوت المعركة، ومع ذلك ثمة مسعى دولي قد لا يصل بالضرورة الى مرحلة وقف الحرب، لكنه قد يفتح نافذة على حل ما، وقد يكون مؤازرا وسط موجة العنف «الإسرائيلي» على لبنان، وهذا ما هو متوقع من مؤتمر باريس الذي يعقد في ٢٤ الشهر الجاري، على أمل ان ينجح في تأمين الحاضنة الدولية للبنان في الأزمة الحالية. وعليه تتجه الأنظار الى هذا المؤتمر الذي تشارك فيه «اللجنة الخماسية» والدول المانحة، بهدف اطلاق مسار الحل السياسي، وان تعذر ذلك يتحول الى مؤتمر بطابع الإغاثة، ومساندة لبنان الرسمي والشعبي لتخطي المحنة.
فمؤتمر باريس كما تقول مصادر سياسية يأتي في سياق المساعي لمساعدة لبنان، وسبق لباريس ان ادانت العدوان الإسرائيلي، وقد شكلت المواقف الصادرة عن الرئيس ايمانويل ماكرون في الفترة الماضية ، صدمة سلبية لرئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو والدول الداعمة للعدوان بهدف القضاء على حزب الله، ومن المتعارف عليه دائما ان الموقف الفرنسي غالبا ما يكون خارج السياق الأوروبي. فمنذ من بداية الحرب برز التضامن الفرنسي مع لبنان، حيث عبر ماكرون عن سعيه لوقف الحرب والاستعداد لمساندة اللبنانيين ، داعيا «اسرائيل» لوقف التصعيد وعدم توسيع نطاق عملياتها.
ومع ذلك، يختلف تقيبم مسار المؤتمر، فثمة من يقول ان «إسرائيل» لن توقف عدوانها، وان اي مؤتمر لا يقترن بوقف النار « لا طائل منه» ، ومع ذلك تسعى الديبلوماسية الفرنسية لأن يكون لها بصمة ودور خاص لحماية لبنان وإبقاء الوضع آمنا، وكانت التحذيرات الفرنسية سبقت العدوان، ونقلها ديبلوماسيون زاروا لبنان وحذروا من لعبة الاستدراج الى الحرب الكبرى. ومن منطلق الحرص على أمن لبنان، شن ماكرون هجوما صادما ودعا لوقف امداد «إسرائيل» بالأسلحة، مما تسبب بتوتر سابق في العلاقة بين فرنسا و”إسرائيل» الى حد وصف نتنياهو دعوة ماكرون بالعار.
بالطبع لا ترغب باريس بقطع العلاقة مع «اسرائيل» وتعريض امنها للاهتزاز، لكن الديبلوماسية الفرنسية تتطلع كما تقول المصادر لوقف الحرب، فالمطالبة بوقف توريد الاسلحة «لإسرائيل» الذي نادت به فرنسا، هو من اجل فرض السلام على صعيد المنطقة.
وفق المصادر فان التحضيرات اكتملت لمؤتمر باريس، الذي يرأسه رئيس الجمهورية الفرنسية ويشارك فيه عدد من الدول الداعمة للبنان، اذ يعتبر الجانب الفرنسي ان لبنان اليوم بحاجة لاحتضان دولي.
وفي الشق العملي للمؤتمر، تؤكد المصادر ان الهدف الأساسي هو إغاثة المدنيين ودعم الجيش والشعب والدولة، كما سيتضمن البحث في تأمين دعم المؤسسات الرسمية والأجهزة الأمنية والمحافظة على جسر دولي، وعدم السماح بتعطيله مع تأمين مستلزمات التمويل الغذائي والصحي لتخفيف معاناة النازحين .
تختلف المقاربات لمؤتمر باريس، فثمة من يعتقد ان باريس تسعى لدور ما، ولا تريد ان تفقد اوراق قوتها في الشرق الاوسط، وتسعى لعلاقة جيدة مع لبنان من اجل لعب أدوار استثنائية في بلد له مكانته الخاصة لفرنسا، ربطا بموقعه الاستراتيجي والحيوي في المنطقة. وعليه ثمة من يتوقع ان يكون لفرنسا بعد توقف العدوان دور في تشكيل السلطة ومساندة الجيش وانتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة.