سيفتقد اجتماع الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق في باريس اليوم الحضور المباشر لوزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي تعرض لحادثة اثناء ركوبه دراجته مما استدعى نقله الى مستشفى في الولايات المتحدة لمعالجته. فالاجتماع الذي تقرر بسرعة على اثر سيطرة التنظيم الاصولي المتشدد على كل من مدينتي تدمر السورية والرمادي العراقية احدث ضربة قوية لجهود التحالف الدولي الذي يستمر في توجيه ضرباته الجوية ضد مواقع التنظيم خصوصاً ان التحالف يعتد به نسبياً في العراق أكثر منه في سوريا حيث لا تشارك كل دول هذا التحالف. تخشى مصادر ديبلوماسية ان يأتي الاجتماع بمزيد من الشيء نفسه: مزيد من دعم الحكومة العراقية من اجل ان تعمل على قاعدة أكثر شمولية بعيداً من الطائفية أو من “الشيعية” التي باتت تطبع آلية الحكم ومحاولة تقديم مزيد من الدعم العسكري للقوات العراقية واعادة تأهيلها، السعي الى معالجة معضلة انضمام المقاتلين الاجانب الى داعش وربما محاولة الدفع جدياً في اتجاه حل سياسي في سوريا بناء على تطورات استجدت وقد تعتبر ايجابية في منحى ما مع انهيار مواقع للنظام تؤشر الى تراجعه. لكن ايران ليست جزءاً من هذا التحالف الدولي على رغم استمرار التفاوض معها على ملفها النووي وعلى رغم التعاون الميداني معها في العراق لكنها لا تجلس على الطاولة بعد ولا تشارك في النقاشات. ومن هنا تالياً وفي ظل الصراع الشيعي السني المستعر على خلفية التدخل الايراني في دول المنطقة عدم احتمال نجاح التحالف في وضع خطة جديدة لمواجهة التنظيم. اذ انه من المفيد تقويم المرحلة الماضية التي توجت بالفشل الذريع، لكن ليس من توقعات كبيرة في رأي هذه المصادر. اذ ان غياب الاستراتيجية الاميركية في شكل خاص وتالياً الاستراتيجية الدولية يلقي بثقله على واقع هذه المواجهة خصوصاً في ظل عقبات جديدة ازدادت رسوخاً بعد اشهر طويلة من توجيه الضربات الجوية ضد داعش كما مواجهتها ميدانيا. فالدول المعنية تتحرك من باب رد الفعل أكثر منه من زاوية الخطط البعيدة المدى. وفيما اتسعت رقعة امتداد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا تراجعت في المقابل الاسانيد التي ارتكز اليها التحالف في العراق في شكل اساسي باعتبار ان الضربات ضد مواقع التنظيم في سوريا كانت مكملة نوعاً ما وغير جدية باستثناء ما خص كوباني التي تخص الاكراد والتي تمت استعادتها بعد وضع جهد كبير جدي من اجل استعادة هذه المدينة، لكن الامور أكثر تعقيداً في ظل الصراع السني الشيعي القائم في المنطقة. فالحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي تجاهد من دون جدوى من اجل اثبات استيعابها كل الطوائف من دون قدرة على ان تطمئن السنة في ظل استعانتها بالميليشيات الشيعية لتحرير المدن العراقية السنية في الوقت الذي اظهر الجيش العراقي هشاشته المستمرة في ان يكون الركيزة الميدانية على الارض لمساعدة التحالف الدولي الذي يكتفي بتوجيه الضربات الجوية.
وتلقي التطورات العراقية بثقلها على الواقع السوري الذي ابتعدت عنه دول في التحالف في العراق نظراً الى غياب العنصرين المساعدين اي وجود حكومة شاملة تمثل الجميع وتشكل جزءاً من الحل السياسي وغياب جيش على الارض يمكن الثقة به للمساعدة. وعلى رغم تراجع قوات الرئيس السوري بشار الاسد مع استبعاد الانهيار الوشيك كما يرى كثر نظراً الى استمرار ايران وروسيا بتأمين وقوفه وكذلك الامر بالنسبة الى اميركا والدول الاقليمية أيضاً غير الراغبة في انهيار الجيش والمؤسسات السورية، فان انهيار نجاح التحالف في العراق ينهي اي امل، اذا كان لا يزال قائما، بالرهان على امكان ان يشكل النظام وقواته ركيزة وفق ما عمل أو راهن في الاشهر الماضية أو كما يعتقد البعض في ظل تقدم داعش أكثر في اتجاه المدن السورية.