من قمة اقتصادية الى قمة لمكافحة الإرهاب، ولكن لا الاقتصاد وجد من يتذكّره ولا الإرهاب وجد من يريد فعلاً محاربته، وهكذا يمكن القول إن “داعش” تمكّن عبر جريمته البربرية في باريس ان ينسف قمة العشرين في انطاليا، لكن الرابح لم يكن أبو بكر البغدادي على رغم إنشائية البيان الختامي وضحالته المحبطة في محاربته هذا التنظيم، الذي تعمّد على ما يبدو او ربما كُلّف أن يغرق المجتمعين في هول الجريمة التي نفذها عشية الإجتماع.
الرابح كان بشار الاسد الذي توارى مرة جديدة، وراء تركيز المجتمعين في تركيا على ان الأولوية يفترض ان تكون للقضاء على تنظيم “داعش”، قبل أولوية الحل السياسي الذي يفترض ان يغيّر النظام السوري الذي استولد “داعش” والارهابيين.
لا أغالي اذا قلت إن لا شيء يوازي ضحالة البيان الختامي، إلا هامشية تلك التصريحات المحبِطة التي أدلى بها بعض زعماء العالم، وفي مقدّمهم طبعاً باراك أوباما الذي أكد تمسّك إدارته بإستراتيجيتها الحالية في الحرب ضد “داعش”، وهي وفق مسؤولين أميركيين بينهم جون ماكين وعدد من وزراء الدفاع السابقين والسفير السابق في دمشق روبرت فورد استراتيجية واهمة وقاصرة ومخادعة!
البيان الختامي اعترف صراحة بزيادةانتشار المنظمات الإرهابية على مستوى العالم، لكن أوباما بشّرنا بالاتفاق على تعزيز التنسيق الإستخباري، وبوعي واشنطن الشديد لقدرة “داعش” على شنّ الهجمات في الغرب، وفي حين كان “داعش” يبثّ شريطاً يهدد كل دول الغرب، لم يتردد جون برينان في ان يتحفنا بالقول إن “داعش” يخطط لعمليات إرهابية أخرى على ما جرى في باريس… فيا له من اكتشاف!
ما لا يصدّق ان أوباما كاد ان يعلن انتصار البغدادي [ومن ورائه الاسد طبعاً] عندما قال بالحرف: “ان إيقاف “داعش” أمر صعب لأن التنظيم لا يخوض حرباً تقليدية… ليس هذا ما يجري، انهم قتلة، ولا يتعلق الأمر بدرجة تطورهم أو بالأسلحة التي يمتلكونها لكنه يتعلق بالعقيدة التي يتبنونها وباستعدادهم للموت!”.
اذاً يمكن المقاتلات الأميركية ان تواصل العروض الجوية بالتنسيق مع الروس طبعاً، لكن الأرض ستبقى متروكة بالتفاهم الضمني العميق والكامل بين واشنطن وموسكو، ساحة للحرب المذهبية التي ستطول وتطول بين السنّة والشيعة… أوليس هذا المطلوب، ولو حصل بعض الأذى الإجرامي في أمكنة أخرى مثل باريس؟
الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أطلق رصاصة الرحمة على قمة العشرين وعلى مؤتمر فيينا دفعة واحدة، عندما قال من انطاليا، ليس هناك اتفاق موحد لدى الغرب على مكافحة الإرهاب. فاذا تذكرنا عدم وجود اتفاق بين روسيا وأميركا والغرب على هذا الموضوع، هل كثير اذا شاهدنا الاسد والبغدادي يرقصان التانغو داخل المقبرة السورية؟