IMLebanon

خيبة باريس من السياسيين عزّز مكانة المؤسسة العسكرية

 

 

احتلت زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون الأخيرة الى باريس هامشا واسعا من الاهتمام الداخلي الى جانب الملف الحكومي الذي دخل مرحلة حاسمة، خصوصا انها كانت لافتة في الشكل والتوقيت على وقع الأحداث الإقليمية، اضافة الى الحفاوة الفرنسية وأجندة اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين الفرنسيين  وتخصيصه باجتماع مع الرئيس ايمانويل ماكرون ووزيرة الدفاع ونظرائه الضباط والقيادات العسكرية، فالزيارة حملت دلالات ورسائل للأطراف والمسؤولين اللبنانيين، وعبّرت عن استياء فرنسي، كما تقول مصادر سياسية، من السلطة الحالية التي أدارت ظهرها للمجتمع الدولي وعطلت المبادرات وأثبتت انها لا تملك حلولا لأزمات الشعب، كما عكست الزيارة  الاهتمام الفرنسي بالجيش كبديل عن السلطة ودوره في الحفاظ على الاستقرار واضطلاعه بأدوار مستقبلية.

 

خيبة باريس من السلطة السياسية التي فشلت مبادرتها واضحة، كما تقول المصادر، خصوصا ان فرنسا سعت لأدوار على الساحة اللبنانية بزيارات للرئيس ماكرون، لكن الخيبة ليست السبب الوحيد للاندفاعة الفرنسية تجاه الجيش، خصوصا ما رشح عن دخول باريس على خط المساعدات العسكرية وتأمين دعم استثنائي للقوى الأمنية وصولا الى تحضير مؤتمر دولي في حزيران مخصص لدعم الجيش.

 

خطوة باريس والتفاتها الى الجيش والقيادة الحالية لا تزال في دائرة الضوء وتخضع لتفسيرات تتخطى رغبة باريس بمساعدة الجيش الى قرار باستعادة الزخم الذي فقدته على اثر سقوط وساطتها، اذ يتوقع المطلعون على ملف العلاقة اللبنانية – الفرنسية ان يكون هناك خطة بديلة للفرنسيين عن تلك التي كانت قائمة بعد ١٧ تشرين، حيث تتطلع باريس لاجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها وتعوّل على أدوار للقوى التغييرية والمجتمع المدني، اضافة الى دور أساسي للجيش في تأمين الاستقرار في المرحلة الانتقالية اذ يفترض ان لا يتأثر الجيش بالأزمات السياسية والاقتصادية.

 

الزيارة بأبعادها العسكرية لم يبعد عنها التوظيف السياسي في الداخل، وأول الغيث ربطها بالانتخابات الرئاسية عام 2022 والحديث عن طموح رئاسي لجنرال اليرزة، وهو ما عكست ماكينات سياسية  معينة على الترويج له مؤخرا في اطار حملة لحرق أوراق العماد جوزف عون الرئاسية، وأخذ الأمور في اتجاهات محددة، وهي ليست المرة الأولى التي يُزج فيها اسم قائد الجيش في الاستحقاق  على خلفية تصعيده واطلاقه صرخة تحذيرية عما أصاب المؤسسة العسكرية من أضرار نتيجة الانهيار والأزمة الاقتصادية.

 

فعلى الرغم من أن المعركة الرئاسية لا تزال بعيدة  وتحكمها توازنات معينة، الا ان شهية المسترئسين مفتوحة على الاستحقاق منذ اليوم، والتحضيرات قائمة لدى الأقوياء ومرشحي الصف الأول، فرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يراهن على تبدل الظروف والاستفادة من التسوية المقبلة التي ستأتي لاحقا لمصلحة فريقه السياسي، فيما رئيس حزب القوات سمير جعجع يعمل على تلميع صورته كقائد للمعارضة لشد العصب المسيحي الى معراب، فيما يتطلع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية من ضمن استراتيجية الحياد عن الصخب والمواجهات السياسية.