IMLebanon

لا ترياق في باريس

 

 

يصعب التكهن، إن لم يكن متعذِّراً، حول ما سيحمل جان – إيف لودريان معه، بعد غد الأربعاء، بالنسبة الى الملف الرئاسي. فأي تكهن يدخل في باب الاجتهادات، ما لم يكن ثمة إطلاع على ما تداول فيه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وضيفه وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. إلّا أن أمراً واحداً يمكن الجزم فيه وهو أن فقرة البضع كلمات التي تناولت وطننا باقتضاب شديد لا تترجم الحقيقة وهي أن الملف اللبناني استأثر بقسم كبير من محادثات الرجلين… وأما الباقي فاجتهادات راوحت بين المبالغات واللغط، الى حد أن ديبلوماسياً فرنسياً رفيعاً قال لنا، باستغراب : لست أدري كيف سمح فريق من المحلّلين والإعلاميين لأنفسهم أن يتحفونا بما ادّعوا أنه «محضر اللقاء» بين الرئيس وولي العهد، وكأن بعضهم كان تحت طاولة غداء العمل الذي جمع الرجلين في قصر الإليزيه، أو كأنّ كليهما أو أحدهما أبلغ إليه التفاصيل. وخلص الديبلوماسي الرفيع الى القول: علماً أن بعض ما كُتِب أو أذيع أو بُثّ، بل معظمه ليس له أي صلة بحقيقة ما دار في ذلك اللقاء المهم.

 

وفي التقدير أن فرنسا لا تملك الدواء الشافي للمريض اللبناني، وكذلك المملكة لا تملك مثل هذا الدواء. والاثنتان معاً لا تملكان الترياق، فثمة جهة واحدة تملكه، وهي القيادات اللبنانية بذاتها، لأن أي تدخل خارجي يبقى مرفوضاً أو غير قادر على الخرق حتى ولو أُدرٍج تحت عنوان «المساعدة»، إذ على اللبنانيين أن يقرّروا بأنفسهم، وعندئذ تأتي المساعدة ويكون الدعم.

 

ولم يعد سرّاً أن استمرار الوضع الراهن (الثنائي الشيعي يتمسّك برئيس تيار المردة سليمان فرنجية، والاخرون يرفضون فرنجية ويرشحون رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض حيناً والوزير السابق جهاد أزعور حيناً ثانياً وربّما يتجهون الى مرشح ثالث في الجلسة الانتخابية الثالثة عشرة) إن استمرار هذا الوضع لن يُفضي الى رئيس لأسبابٍ عدة أبرزها أن معارضي وصول فرنجية لن يستطيعوا أن يمضوا في مخالفة الدستور بغياب الطيف الشيعي ولو أمّنوا الأكثرية المطلقة لمرشحهم، أيّاً كان اسمه، والأمر ذاته بالنسبة الى الثنائي الشيعي الذي لن يستطيع أن يوصل مرشحه في غياب الطيف الدرزي، وكذلك في غياب الحضور المسيحي الطاغي (التيار والقوات والكتائب والأحرار الخ …) الذي لا يغطيه نواب مسيحيون، مهما كان عددهم. والنتيجة أن لا بد من أن ينزل الجميع عن الشجرة ليجتمعوا في ظلالها التوافقية (ولا بأس أن نقول: التقاطعية). وإلّا فلن يفلح «لو دريان» في مهمته، وسيكون مصير حراكه على نمط ونتيجة حراك رئيسه ماكرون.