IMLebanon

مُحاولات فرنسيّة لفصل الملف اللبناني عن مِلفّات المِنطقة

 

لا حُكومة بعد… وشد حبال مُتبادل في الوقت المُستقطع!

 

إذا كان صحيحًا أنّ الرئيس الأميركي المُنتخب جو بايدن تجاهل كل منطقة الشرق الأوسط في خطابه الأخير، لأنّ أولويّات إدارته هي في أماكن أخرى، فإنّ الأصحّ أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يُولي هذه المنطقة، ومنها لبنان، بطبيعة الحال، إهتماما مُضاعفا. وبحسب المَعلومات، إنّ الرئيس الفرنسي الذي كان نجح في إنتزاع تفويض ظرفي من نظيره الأميركي بالنسبة إلى الملف اللبناني، سيتوجّه نهاية الشهر الحالي إلى الشرق الأوسط حيث ستكون له جولة في المنطقة تقوده خُصوصًا إلى كلّ من المملكة العربيّة السُعوديّة ودولة الإمارات العربيّة المُتحدة، من دون أن تشمل لبنان أقلّه حتى الساعة. فهل يُمكن لهذه الخُطوة أن تدفع الملفّ الحكومي العالق إلى الأمام؟

 

بحسب أوساط سياسيّة إنّ الرئيس الفرنسي سيبحث مع القادة الخليجيّين، أكثر من ملفّ إقليمي حسّاس، من مسألة العلاقات مع إيران، مُرورا بحربي اليمن وسوريا، وُصولاً إلى العراق وكذلك لبنان. وأضافت أنّ تأجيل تشكيل الحكومة في لبنان حتى ظُهور الخيط الأبيض من الأسود من هذه التحركات الديبلوماسيّة يُمثّل رهانًا خطيرًا، لأنّه يعني ربط القضيّة اللبنانيّة بقضايا المنطقة التي قد يستغرق حلّها أشهرًا طويلة من المُفاوضات، وربّما سنوات عدّة! وأضافت أنّ المفاوضات الجدّية بشأن ملفّات المنطقة الساخنة، ستقودها الولايات المتحدة الأميركيّة، وليس فرنسا التي تلعب أدوارًا مُسهّلة ومُمهّدة، وربما أدوار وساطة، أكثر منها أدوارًا حاسمة.

 

وتابعت الأوساط السياسيّة عينها أنّ الحسنة الوحيدة للتحرّك الفرنسي في إتجاه دول المنطقة، هو إمكان نجاحه في فصل مصير لبنان عن مصير باقي ملفّات المنطقة، بحيث يتمّ رفع أي «فيتو» موجود على لبنان، بما يسمح للاعبين اللبنانيّين بالتحرّك بحريّة أكبر على الساحة الداخليّة. وقالت إنّ زيارة رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري إلى فرنسا في الساعات الماضية، والإتصالات التي أجراها هناك مع القيادة الفرنسيّة، صبّت في خانة طلب مُساعدة فرنسا لعدم جعل لبنان ورقة تفاوض، خلال المُفاوضات المُرتقبة بين واشنطن وطهران، وخلال المفاوضات المرتقبة للوُصول إلى تسويات لملفّات اليمن وسوريا والعراق. وأوضحت أنّ هذا الأمر يعني عمليًا تمكين لبنان من تشكيل حكومته، ومن الحُصول على الدعمين العربي والغربي، بما يسمح بإطلاق ورشة النهوض بالأوضاع الإقتصاديّة والماليّة والحياتيّة، على أن يتمّ فصل المواضيع الشائكة مثل ترسيم الحدود، ومصير اللاجئين الفلسطينيّين والنازحين السُوريّين، وخُصوصًا ملف سلاح «المُقاومة»، والتي ترتبط كلّها – في نهاية المطاف، بالملفّات الإقليميّة المُؤجّلة، عن الملفّات الحياتية والمعيشيّة والإصلاحيّة في لبنان.

 

وأشارت الأوساط السياسيّة إلى أنّه في خلال الوقت المُستقطع، أي في إنتظار بلورة أولى الخطوط العريضة للتسويات المُنتظرة في المنطقة، يُواصل اللاعبون على الساحة المحليّة عمليّات شدّ الحبال المُتبادلة، لتحصيل مغانم طائفية وحزبيّة وحتى شخصيّة مَحدودة! وأضافت أنّ هذه التصرّفات التي أثارت غضب شرائح واسعة من الشعب اللبناني والمُجتمع الدَولي على السواء، دفعت البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي للمُطالبة بعقد مؤتمر دَولي برعاية الأمم المُتحدة، لإنتشال لبنان من الهاوية. وأضافت أنّ وفد «التيّار الوطني الحُرّ» الذي زار بكركي أخيرًا، حاول إقناع البطريرك بأحقّية تشدّد العماد ميشال عون، وربط هذا الموقف بصلاحيّات رئيس الجمهوريّة المسيحي، وبالنُفوذ المسيحي ككلّ في لبنان والمنطقة، إلا أنّ رأس الكنيسة المارونيّة لم يقتنع بوجود أي سبب يُمكن أن يؤجّل إنطلاق مساعي إنقاذ ما يُمكن إنقاذه في لبنان، بعد الإنهيارات التي حصلت على مُختلف الصُعد. ولفتت الأوساط عينها إلى أنّ مواقف «التيّار الوطني الحُرّ» التصعيديّة إزاء «ورقة التفاهم» مع «حزب الله»، تدخل أيضًا في سياق مُحاولة «التيّار» الإستحصال على دعم «الحزب» إلى جانبه، في الصراع القائم بين رئيس الجمهوريّة ورئيس الحُكومة المُكلّف، أقلّه لجهة الضغط على رئيس مجلس النواب نبيه برّي لوقف إنحيازه إلى جانب الحريري، لكن هنا أيضًا جاءت النتيجة غير مُوفّقة بالنسبة إلى «التيّار»، بحسب الأوساط عينها!

 

وختمت هذه الأوساط كلامها بالقول إنّ الحريري الذي إلتقى ماكرون في الساعات الماضية، والذي إتصل برئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط أيضًا، ستكون له كلمة متلفزة مهمّة في ذكرى 14 شباط، على الرغم من إلغاء الإحتفال المركزي الذي كان من المُقرّر أن يقيمه «تيّار المُستقبل» في الذكرى السادسة عشرة لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري. وأضافت أنّه في حال لم يحصل تقدّم خلال الأيّام المُقبلة في الملفّ الحكومي إن بجهود الرئيس ماكرون أو عبر أي وساطة أخرى، ستكون كلمة الحريري شفّافة إزاء ما يُعرقل تشكيل الحكومة، وقاسيّة إزاء «التيّار الوطني الحُرّ».