قبل ساعات من اللقاء الخماسي الذي تستضيفه باريس اليوم من أجل لبنان، بمشاركة مستشارين وديبلوماسيين ممثلين عن فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، قرأت مصادر نيابية مخضرمة، في المعلومات والبيانات، كما المواقف الديبلوماسية المعلنة منه، وعلى وجه الخصوص الديبلوماسية العربية، محاولةً واضحة لرسم الحدود القصوى التي قد يذهب إليها المجتمعون، والذين سيناقشون مسودّة ورقة عمل تمّ الإتفاق على خطوطها العريضة على مدى الأسابيع الماضية، وعبر لقاءات واجتماعات وجولات بين عواصم القرار، وصولاً إلى تحديد أبرز البنود فيها، والتي تحتل الصدارة فيها الملفات المالية والإقتصادية والإجتماعية.
وعلى هذا الصعيد، تتحدث المصادر النيابية المخضرمة، عن تضخيمٍ لافت في مقاربة هذا الإجتماع في الأوساط السياسية المحلية، علماً أن محور اجتماع هذه الدول، هو تشكيل مجموعة دعم دولية من أجل لبنان، وبالتالي فإن الملفات السياسية، ليست أولوية على طاولة اللقاء الباريسي، ذلك أن الأسباب التي دفعت إلى حصوله، تتركز بشكلٍ خاص على المخاوف لدى المجتمع الدولي من تدهور الأوضاع المالية والإقتصادية والإجتماعية، بفعل الشغور الرئاسي، وغياب الآليات الدستورية لتنفيذ القرارات الإصلاحية والضرورية من أجل حصول لبنان على الدعم المالي، والذي ينطلق مع توقيع الاتفاق على برنامج تمويل مع صندوق النقد الدولي، من أجل النهوض من الأزمة الحالية.
إلاّ أن المصادر النيابية نفسها، لم تُسقط أزمة الشغور الرئاسي من الحسابات المدرجة على طاولة المجتمعين، وإن لم تتطرّق إليها ورقة العمل المشتركة التي سيتمّ إقرارها، والتي ستكتفي بالإشارة إلى أهمية انتخاب رئيسٍ للجمهورية، مروراً بتحديد المواصفات الرئاسية التي يتكرر الحديث عنها في لبنان، كما لدى عواصم القرار المعنية بالملف اللبناني.
وتنقل الأوساط معلومات ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية، مفادها أن اللقاء في باريس، لن يدخل في نقاش الأسماء المتداولة للمرشحين للرئاسة، كما أن ورقة العمل التي سيتمّ إقرارها، لن تحمل جديداً على صعيد الأفكار المتداولة، والتي كان نقلها مستشار الرئيس الفرنسي إلى لبنان السفير بيار دوكان، خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت إلى المسؤولين الذين جال عليهم، وبالتالي، عرض معهم التحضيرات التي تقوم بها الإدارة الفرنسية من أجل تأمين ظروف نجاح اللقاء المذكور.
ومن ضمن هذا السياق، تكشف الأوساط نفسها، أن المجتمعين سيعيدون التأكيد على أن الممرّ الإلزامي لإنقاذ لبنان هو انتخاب رئيس للجمهورية، ولكن مع إضافة بندٍ جديد يتعلق بالحكومة “القادرة” على العمل كفريقٍ مع رئيس الجمهورية للخروج من واقع التأزم الحالي، وخصوصاً أن الدخول إلى مرحلة التعافي، لم يعد محصوراً فقط بالبعد المالي أو الرئاسي، أو حتى الإصلاحي، بل بمجموع هذه العناصر، كون الخطوات التي تمّ اتخاذها منذ بدء الانهيار المالي في العام 2019، لا تمثّل الحدّ الأدنى من الخطوات المطلوبة من المجتمع الدولي لتنفيذ كل وعود الدعم، والتي تبدأ بالطاقة ولا تنتهي بالمساعدات من صندوق النقد، مروراً بالدعم الضروري لكي يواصل لبنان استضافة أكثر من مليوني نازح سوري على أراضيه.