في تركيا وسوريا، تتبين يوما بعد يوم نتائج الهزات المدمرة التي ضربتهما، فيما ينتظر لبنان ترددات اللقاء الخماسي الباريسي، الذي انتهى دون صدور اي بيان خلافا للعادة، وهو ما فتح الباب امام كثير من التكهنات التي بقيت بعيدة عن الحقيقة، ذلك ان الاجتماع انتهى الى اتفاق واضح بين المشاركين، وفقا لما تتقاطع عليه المعلومات الواردة من العواصم المعنية.
على ايقاع هذا المشهد المأسوي، كان لبنان بين اوائل البلدان التي تضامنت مع دمشق وأنقرة، في محاولة من السياسيين لاعادة وصل ما انقطع مع دمشق طوال السنوات الماضية، مستثمرين مآسي الهزة للعودة من بابها الى الحضن السوري، الذي تتردد في الصالونات اللبنانية قرب عودة تاثيره المباشر في الحياة السياسية اللبنانية، وربما الذي قد تكون له الكلمة الفصل في الرئيس العتيد، وفقا لما ينقل عن لسان وزير الخارجية الايرانية الذي زار بيروت.
في موازاة ذلك، علم وفقا لمصادر ديبلوماسية ان الكويت ادارت محركاتها، بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية في عملية “جس نبض” لمسيحيي الثامن من آذار ولمرشح محور المقاومة، لمعرفة موقفهم من الورقة الخليجية التي سبق وتسلمها لبنان، وشكلت خارطة طريق لبيروت في حال ارادت عودة علاقاتها الى طبيعتها مع تلك الدول، علما ان بنود الورقة ومطالبها تتماهى بالكامل مع ما جرى الاتفاق عليه في “خماسي باريس”، الذي شاركت فيه الكويت من خلال ورقتها.
وللتذكير، فإن الورقة الكويتية تتضمن من بين بنودها تفعيل لبنان سياسة النأي بالنفس عن صراعات المنطقة، واحترام سيادة الدول العربية والخليجية، وتطبيق القرارات الدولية، بالإضافة إلى منع تهريب المخدرات إلى دول الخليج. وتنص على التزام لبنان باتفاق الطائف، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن، وتشمل ايضا تشديد الرقابة على الصادرات للخليج لمنع تهريب المخدرات، والتعاون بين الأجهزة.
وبالعودة الى اجتماع باريس الخماسي، الذي ضم فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والسعودية وقطر ومصر، وصفت مصادر ديبلوماسية من باريس إن أجواء اللقاء والنقاشات كانت إيجابية، رغم التباينات الواضحة في وجهات النظر بين باريس من جهة، وواشنطن والرياض من جهة ثانية، حيث غلبت في النهاية وجهت النظر الثانية التي اصرت على ان الاهم هو الشروط الواجب توافرها في الرئيس، على ان يترك للقوى اللبنانية اختيار الاسم، فيما كانت فرنسا تفضل السير بالاسماء لان المسؤولين اللبنانيين غير قادرين على اتخاذ اي قرار في هذا المجال، ولان توازنات القوى لا تسمح بذلك، رغم اصرار الطرفين على ضرورة اجراء الانتخابات في غضون اسابيع قليلة.
واشارت المصادر الى ان عدم صدور البيان كان مقصودا، ولا علاقة له باجواء المداولات، ذلك ان المجتمعين اتفقوا على قيام كل منهم بجولة استطلاعية، على ان يعودوا للقاء في غضون اسبوعين، سيصدر بعدهما بيان واضح يترافق مع مواقف من خارجيات الدول المعنية يدعم ما سيتم الاتفاق حوله.
وختمت المصادر بان بيروت ستشهد حركة بعيدة عن الاعلام لموفدين لنقل اجواء اتفاق باريس، والذي يمكن تلخيصها بان على اللبنانيين الذهاب الى المجلس النيابي بمجموعة اصوات، تتفق مع برنامج باتت بنوده معروفة يتضمن تغييرات سياسية واقتصادية وبرنامجا اصلاحيا، كمقدمة للحصول على الدعم الدولي، والا فان لبنان سيترك لمصيره بعد آذار، ناصحة بان تحدي الارادة الدولية هذه المرة ستكون له نتائج كارثية، معتبرة انها الفرصة الاخيرة امام الاطراف السياسية اللبنانية، ضمن شروط واضحة تحفظ مصالح اللبنانيين.