IMLebanon

إجتماع باريس: فرنجيه نام رئيساً… ولكن؟

انقضى اسبوعان على تفاهم باريس من غير ان يوحي تماماً بأن انتخاب الرئيس بات فعلاً وشيكاً، وان صانعيَهْ قادران على فرضه. بل أضحت الانقسامات داخل فريقي 8 و14 آذار اكثر وطأة من الشغور الرئاسي، بعد انهيار الثقة بين الحلفاء وتشتتهم

يكاد الجميع ينتظر الجميع: الرئيس سعد الحريري ينتظر السعودية، النائب سليمان فرنجيه ينتظر الحريري، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بدوره ينتظر السعودية، الحريري ينتظر تجاوز فرنجيه العقبات مع حلفائه وفرنجيه ينتظر تذليل الحريري عراقيل حلفائه. فرنجيه ينتظر الرئيس ميشال عون بعد اجتماعين غير مسبوقين في اقل من اسبوعين مع الوزير جبران باسيل من غير ان تكون حتى اللحظة ثمة حاجة ــــ او ضرورة ــــ الى لقاء بين عون وفرنجيه.

تلك حال تداعيات ما نجم عن اجتماع باريس في 17 تشرين الثاني بين الحريري وفرنجيه، وقيل انه انتهى الى تفاهم يقضي بترئيس فرنجيه الجمهورية والحريري اولى حكومات العهد الجديد. في بيروت فوجىء حلفاء الرجلين وبدوا ازواجا مخدوعين.

كلا رجلي تفاهم باريس لا يقللان من وزر ما ترتب على اتفاقهما الذي توخى انهاء الشغور في رئاسة الجمهورية وتشريع عودة دائمة للحريري الى لبنان. مذ ذاك تكبر المصيبة ولا تصغر، وتتنامى التناقضات في داخل فريقي الحريري وفرنجيه على السواء. في ما مضى، في تقاليد انتخابات الرئاسة اللبنانية، شاعت عبارة اطلقت للمرة الاولى في 20 ايلول 1943 ثم رافقت معظم الاستحقاقات التالية حتى اتفاق الطائف حينما أطفئت ولم يعد يؤتى على ذكرها: نام رئيساً… وأفاق على سواه. اول السلسلة النائب كميل شمعون وآخرها النائب مخايل ضاهر في 18 ايلول 1988.

منذ ما بعد اتفاقهما في باريس، تتحدث اوساط الحريري وفرنجيه عن ان نائب زغرتا لم ينم رئيسا فحسب، بل اصبح كذلك، وان المرحلة التالية هي «تبليع» حلفاء هذا وذاك خيارا بات في ظن الاوساط تلك انه صار وراء الجميع. بل تذهب الى الاعتقاد بأن موافقة الحريري على فرنجيه رئيسا نتيجة حتمية لما قيل مرارا في جلسات الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، وعبّر عنه ــــ نقلا عن الحريري بالذات ــــ وزير الداخلية نهاد المشنوق ومدير مكتبه نادر الحريري: لا امل في انتخاب الجنرال، لا من الداخل ولا من الخارج، ولا بأي وسيلة اخرى.

بيد ان لحلفاء الرجلين وجهات نظر معاكسة، تخفي استعدادا صارما لمواجهة انتخاب فرنجيه:

1 ــــ ما يشاع في اوساط القوات اللبنانية من كلام منسوب الى رئيسها، من انه يتوقع في غضون 48 ساعة او ربما اكثر بقليل موقفا من الرياض، مغايرا تماما لكل ما انبثق من اجتماع باريس، يعزز حجج جعجع ويصب في مصلحته.

2 ــــ ما يتحدث عنه بعض المعلومات عن توقع صدور موقف سعودي يعبّر عن حياد المملكة حيال الاستحقاق الرئاسي، ما خلا تأكيد دعمها توافق الافرقاء اللبنانيين على انتخاب رئيسهم على انه شأن محض داخلي، ووقوفها الى جانبهم، دونما تبنيها صراحة ترشيح فرنجيه او انكاره. وهو ما قد يحدد ملامحه تحرك سفيرها في بيروت علي عواض عسيري، بعدما طلبت منه حكومته تأخير عودته الى مقر عمله بضعة ايام.

3 ــــ يضطلع رئيس المجلس نبيه بري وحزب الله بدور خفي في الجهود المبذولة بين فرنجيه وعون، ما يعني ان الثنائية الشيعية مجتمعة على موقف واحد هو ذهابها معا الى جلسة انتخاب الرئيس. في ظل تصلب عون واصراره على ترشحه، لن يذهب حزب الله الى انتخاب فرنجيه. على ان ما يعنيه هذا الموقف، ان لا جلسة انتخاب رئيس لا يحضرها الحزب: نصاب انتخاب رئيس الجمهورية سياسي قبل احتسابه عدديا.

3 ــــ لا مؤشرات الى ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح في وارد التخلي عن ترشحه لمصلحة فرنجيه. بل يتصرف على انه غير معني بكل ما حدث منذ 17 تشرين الثاني، او كأن شيئا لم يحدث:

ــــ لم يُسأل رأيه في ترشيح فرنجيه. ولأن نائب زغرتا يقول ان الاولوية لا تزال لترشيح عون، فلا حاجة بالاخير الى التفكير في خيار آخر. يتمسك عون بترشحه، ولا يرى الوقت نفد تماما، او ان سببا موجبا يحتم عليه التخلي ما دام متيقنا من ان انتخابه هو حق ميثاقي كشريك مفترض في الحكم.

ــــ اكثر اطمئنانا من اي وقت مضى الى ان حزب الله لا يزال الى جانبه، ويجزم له بأنه مرشحه الوحيد للرئاسة بلا اي مدى زمني، ما حمل الحزب في اجتماعه الدوري الاسبوع الماضي على تجاهل اجتماع باريس وما احاط به.

ــــ اعتقاد رئيس تكتل التغيير والاصلاح بأن لا آليات تسوية للاستحقاق الرئاسي سوى ما كان قد طرحه ولا يزال اياه، يتمسك به: قانون انتخاب فانتخابات نيابية يليها انتخاب رئيس للجمهورية ينبثق من واقع نتائج الانتخابات النيابية، او وضع تسوية ميثاقية شاملة. ما دام يصف مجلس النواب بأنه قانوني لكنه غير شرعي بفعل تمديد ولايته مرتين، ليس له ان يلتئم لانتخاب رئيس الجمهورية. الا ان انتخاب عون رئيسا يعوّض لاشرعية البرلمان كون الرجل يخوض معركة فرض ميثاقية النظام والمشاركة التمثيلية الفعلية لا انتخاب رئيس فحسب.