لا يمكن إنكار حجم الدعم الذي تلقاه الجيش اللبناني من أميركا وبريطانيا ودول أخرى، خصوصاً بعد غزوة عرسال في آب 2014، إضافة الى عقد مؤتمرات روما.
وإذا كان الدعم الاميركي هو الأساس، فانه ساعد كثيراً في معارك الجيش ضد تنظيمي “داعش” و”النصرة” في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع، وتمّ التأكيد مراراً وتكراراً من واشنطن أن الجيش اللبناني هو حليف ويتمتع بقدرات قتالية عالية مكّنته من دحر الإرهاب.
ومن ضمن مسلسل الدعم الذي قدّم الى لبنان، عقدت مؤتمرات دعم للجيش تمثلت بمؤتمر “روما -1″ و”روما – 2” اللذين قررت فيهما الدول رفع منسوب دعمها بالعتاد المتطور. وعلمت “نداء الوطن” أنه بعد مرور أكثر من سنة على مؤتمر “روما – 2” الذي شارك فيه ممثلون عن 41 دولة إضافة الى حلف “الناتو”، لم يصل الى مخازن الجيش اللبناني ما وُعد به من أسلحة، وبالتالي فاإن هذا المؤتمر فشل في تحقيق الأهداف التي وضعت له.
ويعود الفشل الى أسباب عدة، أبرزها ان الوضع الداخلي اللبناني لم يسمح بملاحقة توصيات المؤتمر وما نتج عنه، وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى تصرّفات الحكم وعدم اكتراثه بمثل هكذا مؤتمرات تفيد لبنان.
ويختلف مؤتمر “روما-2” الذي تمّ التعهد خلاله بدفع 50 مليون يورو بحلول العام 2020 كمساعدات عسكرية، عن مؤتمر “سيدر” بحيث ان التقديمات في الأول هي على شكل هبات، أما الثاني فأمواله تعطى للبنان على شكل قروض، وبالتالي كان يجب على الحكومة والمسؤولين متابعة مجريات مؤتمر “روما -2″ وعدم تفويت هذه الفرصة.
وما زاد من التطورات السلبية، عدم قدرة لبنان على تأليف حكومة بعد الإنتخابات النيابية و”الإلتهاء” بالمناكفات الداخلية واختراع عقد أخّرت ولادة الحكومة.
أما الأسباب التي تسبّبت في نسف مؤتمر “روما -2″، بحسب المعلومات، فهي عدم حماسة بعض الدول لتقديم المساعدة الى لبنان خصوصاً بعد الإنتهاء من معركة فجر الجرود في آب 2017 وتخلّص لبنان من خطر الإرهاب ولم يعد هناك دافع كبير للدول الكبرى لتقديم أسلحة له.
وسبب سياسي وعسكري على حد سواء، يتمثّل في أن بعض الدول تتخوّف من أن يقع هذا السلاح في يد “حزب الله” الذي تعتبره انه يسيطر على مفاصل الحكم اللبناني ويتدخل في كل شيء ويقاتل في سوريا والعراق واليمن ولا يقيم اي اعتبار للدولة اللبنانيية ومؤسساتها الشرعية وأجهزتها التي تقوم بواجباتها على أكمل وجه.
ومن جهة أخرى، فان دولاً غربية وحتى عربية تعتبر أنه حتى لو لم تقع الأسلحة في يد “حزب الله” مباشرة، إلا أن السلطة السياسية الحاكمة موالية بمعظمها لـ”الحزب”، وطالما ان لبنان واقع تحت سيطرة المحور السوري – الإيراني، فإنها تتريث في تقديم مساعدات له، خصوصاً مساعدات عسكرية نوعية، وتقتصر مساعداتها على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة الموجودة لدى الجيش اللبناني أصلاً.
وأمام كل هذه الوقائع واعتراف المسؤولين اللبنانيين على أعلى المستويات بإفشال مؤتمر “روما-2″، فلا يمكن عقد مؤتمر “روما – 3” اذا لم ينجح المؤتمر الذي سبقه.
وتدرك السلطة خطورة ما وصلت إليه الأمور، إذ ان رئيس الجمهورية ميشال عون حاول سابقاً مع السفير الإيطالي ماسيمو ماروتي التقصي عن أسباب عدم تقديم الدول الهبات العسكرية التي وعدت بها في روما، لكن لا جواب إيطالياً واضحاً حول هذا الموضوع.
وحرّكت زيارة وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي الى لبنان قضية مؤتمر “روما – 2″، وأكدت من بعبدا استعداد بلادها لتعزيز قدرات الجيش اللبناني وفقاً لمداولات المؤتمر.
وتمت مناقشة التفاصيل بين بارلي ووزير الدفاع الياس بوصعب وتم الاتفاق على الآلية التي سيتم اتِّباعها للبت بهذا الموضوع. وتشمل هذه الآلية قيام قيادة الجيش في غضون أسبوعين بإعداد دفتر شروط يتضمَّن المواصفات المحدَّدة لحاجات الجيش كي يتم بعد ذلك استدراج العروض من الشركات الفرنسية على أن يتقدَّم الجانب الفرنسي بالشروط الماليَّة للقرض ويصار الى اختيار العرض الأفضل من الناحيتين التقنية والمالية بما يخدم مصلحة المؤسسة العسكرية. وبعد الاتفاق على شروط العرض، تتم إحالة هذا الملف إلى مجلس الوزراء لتتم المصادقة عليه ومنه إلى مجلس النواب ووزارة المال لإجراء المقتضى.
وأشارت الوزيرة الفرنسية بدورها الى أنَّه من المتوقّع إرسال خطاب النوايا في شهر أيلول على أن يتم توقيع العقد في شهر تشرين الثاني بالتزامن مع زيارة الرئيس ماكرون للبنان.