تتكرّر الوعود كل فترة بقرب تشكيل الحكومة خلال ايام، من دون ان يتحقق اي شيء على ارض الواقع، فتكثر اللقاءات الداخلية والخارجية لتزداد العقد اكثر فأكثر، ما يجعل اللبنانيّين محبطين لانهم يرون ذلك التفاؤل المزيّف على وجوه مسؤوليهم، لكن النتيجة المزيد من العقبات التي يكون حلّها إما بالسفر او بالصمت، اما المواطن فتلازمه دائماً عبارة «مكانك رواح» خصوصاً انه لم يعد يأبه ، لان المصائب التي يتلقاها جرّاء سياستهم اوصلته الى الهلاك.
وسط هذا الواقع المرير، جرعة أمل شربها اللبنانيون قبل فترة، وتحديداً بعد مؤتمر «سيدر»، على أثر إعلان زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان في شباط المقبل، رابطاً مجيئه بولادة الحكومة والاهتمام بوضع لبنان، لأن بعض الأموال التي تقررت في المؤتمر المذكور مشروطة بالتأليف . إلا ان الزيارة مرهونة بالتشكيلة خلال اسبوع، لان باريس أنذرت المسؤولين اللبنانيّين عبر وزير خارجيتها جان إيف لودريان، بأن الرئيس ماكرون لن يزور لبنان في منتصف شباط في حال لم تتشكل الحكومة قريباً جداً. مؤكداً انه في حال لم يتحقق هذا المطلب فالزيارة مؤجلة وستقتصر على قبرص ومصر فقط في التوقيت المذكور. كما حذّر من ان غياب الحكومة لن يلزم باريس في التزاماتها المالية والاقتصادية للبنان.
الى ذلك نقلت مصادر مطلعة على الملف الحكومي أن الرئيس المكلف الذي يقضي إجازة عائلية في باريس، بحث التشكيلة وعقدها خلال اجتماعات مع الوزير جبران باسيل والدكتور سمير جعجع، لم تصل الى أي نتيجة، كما تخطى ذلك بلقاءات بعيدة عن الاضواء مع مسؤولين فرنسيّين، لمنع أي اعتداء اسرائيلي على لبنان بعد التهديدات التي اطلقها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، أي ان ملفين مهمين جداً بُحثا في العاصمة الفرنسية، واصفة الملف الاول بالاكثر صعوبة، نظراً الى بروز صعوبة لتفكيك عقدة الحقائب التي عادت من جديد، والخلاف على تقاسم الدسم منها بين التيار الوطني الحر وحركة امل والحزب التقدمي الاشتراكي، فضلاً عن عقدة العقد اي الثلث المعطل وتوزير ممثل «اللقاء التشاوري».
ورأت المصادر المذكورة أن مؤشرات الحل غائبة كلياً، تتبعها التقلبات الخارجية الإقليمية ومن ضمنها مصير سوريا وايران، ما يجعل الحل بعيداً عن أي أسس واقعية، بل مجرد محاولات لن توصل الى شاطئ الأمان، ما دام وزير الخارجية جبران باسيل لا يبدّل موقفه من الثلث المعطل، ولا الرئيس المكلف سعد الحريري يبدّل موقفه من مطالب «اللقاء التشاوري»، الذي بدوره لا يتنازل عن حقه في التوزير، والى ما هنالك من إقتسام للجبنة التي تدّر كل ما طاب ولذّ على طالبيّ التوزير وما أكثرهم .
وإعتبرت المصادر أنه بعد تصنيف تقرير»موديز» الذي دق جرس الانذار للوضعين المالي والاقتصادي في البلد، إعتبر البعض أن المسؤولين سيُسارعون لإنهاء الملف الحكومي، ويهرولون للعمل من اجل نشل لبنان من الهاوية، لكن لا شيء من هذا تحقق، ويبدو ان «المورفين» وحده وقد يكون الحل للبنانيّين، جرّاء هذا الطقم السياسي الذي أنهكهم واوصلهم الى الخراب. لافتة الى ان تبادل التهم لا يزال سيّد الموقف على خط الانقسام السياسي في البلد، اذ ان اوساط فريق الثامن من آذار تضع اللوم على الرئيس المكلف عبر رميّ الكرة في ملعبه، فيما اوساط فريق الرابع عشر من آذار تتهم الوزير باسيل بالعرقلة، مما يُبعد أي امل بالحل المرتقب، وبالتالي البقاء ضمن الحلقة المفرغة الى امد بعيد.
وختمت المصادر بأن عدد الاصوات الداعية لتفعيل حكومة تصريف الاعمال ترتفع، تحت عنوان « الضرورة المالية الدستورية» بسبب المُهل المتعلقة باستمرار الإدارات العامة في الصرف على أساس القاعدة الاثني عشرية، ما يؤكد أن التشكيلة لا تزال بعيدة.