Site icon IMLebanon

المناصفة غير المناكفة

أراد سعد الحريري، في اطلالته الرمضانية الأولى، من بيت الوسط أن يجسّد ايمانه ب المناصفة، ومناهضته ل المناكفة.

الأولى تعني الانفتاح.

والثانية تجسّد الانغلاق.

معه حق في إصراره على بيروت عاصمة لشعار قبول الآخر.

وفي الترحيب بمبادئ العيش المشترك.

ولو خالفت عاصمة لبنان آراءه والأفكار، لكان قد دعا المجلس المنتخب الى الاستقالة.

وهذا حق لا ينازعه عليه أحد، وان بدت ثمة تباينات في المفاهيم وفي نزاهة الرابحين وعقم الخاسرين.

إلاّ أن السؤال يبقى حول قانونية النص الدستوري، والاحترام بين المناصفة والمناكفة… وهذا يعني الحق في الاحترام بين الاثنين.

ولذلك، فقد كان قرار الناخبين في طرابلس، بانتخاب مجلس بلدي، من طائفة واحدة، عن قصد أو عن غير قصد، جريمة لا تغتفر، لأن تغييب الأقليات المسيحية والعلوية، مناف لشرعة التنوّع الطائفي، في الخدمة العامة.

وهنا، ربما يكون من المناسب أو من الجائز، وضع نص دستوري لتوزيع المقاعد على مختلف الطوائف.

***

في العام ١٩٥٦، أقيم في طرابلس، مهرجان كبير في الكلية الاسلامية الطرابلسية، دعماً للقائد العربي جمال عبدالناصر، ضد العدوان الثلاثي على مصر.

وكانت المفاجأة ان الاختيار وقع على الشاعر حسيب غالب الماروني، والمقيم في العاصمة الثانية، ليقول كلمة طرابلس.

صفّقت رائدة العروبة بحرارة للشاعر القادم من بلدة إردة المارونية، لأنه ضمّخ الأجواء بقصيدة عبّر فيها الشاعر الكبير، عن أفكار عربية، لا عن مشاعر طائفية.

من أجل ذلك، يبرز الآن الحرص على المناصفة لا على المناكفة في عاصمة الليمون.

إلاّ أن الاصرار على المناصفة دستورياً، مطلب عام لضمان التنوّع، وفق الصرامة في القانون، بدلاً من الفطرة في الاختيار.

قبل رحيله الى دنيا الحق، كان رفيق الحريري في موسكو.

وبعد ساعتين من اللقاء، بينه وبين الرئيس فلاديمير بوتين، بادر الى مصافحة زعيم الكرملين بقوله، انه ذاهب الى زيارة بطريرك موسكو وكل الروسيا بيمن، لأنه حريص على مدّ الجسور معه، ايماناً منه بأن التوسّع في الحوار، هو انصاف للأديان وللأوطان في آن.

إلاّ أن الزعيم الروسي بادره ثانية، بأن الحوار مهبط الوفاق، وان التوافق هو من أبرز عناوين التفاهم بين البشر.

من أجل هذا، رحّب الجميع باصرار سعد الحريري على المناصفة في الانتخابات البلدية.

ولهذا، فان سعد الحريري لم يكن مرتاحاً الى غياب المناصفة في الانتخابات البلدية الطرابلسية. كما كانت مصانة في بيروت.

ويقول العارفون، ان حق الخطأ مشروع، سواء في اختيار الأكفياء، كما هو غير مشروع في الحالة المعاكسة.

إلاّ أن المناصفة تكرّس الآن، نبض الشارع اللبناني، في مختلف القطاعات.

ومن هنا صعوبة التوافق على قانون جديد للانتخابات النيابية.