من غرائب الأمور وعجائب الدهور أن يصدّق المجلس النيابي نفسه فيعتقد أنه مختلف عن الحكومات المتتالية، فيحاسبها ويردعها، باسم الشعب، أو مجموع الناخبين الذين اعتقدوا يوماً أنهم في نظام برلماني ديمقراطي.
فالمجلس هو في حقيقة الأمر نسخة موسعة عن الحكومات المتتالية بما فيها الحكومة الحالية. ما يقرّره وزراء الحكومة ليس إلّا صدى لرغبات مشغّليهم، والمشغلون هم مجموعة الزعامات الطائفية التي تقتسم السلطة. ولذلك فإن أيّ حديث عن اجتماع موسّع لسيّد نفسه سيثير ابتسامات عريضة وليس تجهّماً كعلامة على الجدية. لقد تمّ تطويع المجلس وبالتالي الحكومة، ومعهما، ولزوم استكمال الصورة، جرى تدجين النقابات أو أكثرها، وضبط القضاء بنسف استقلاليته، وهزم الناس بتجويعهم وإفقارهم.
تضمّن جدول سيّد نفسه أمس 22 بنداً، الضروري فيها (كابيتال كونترول) كان ينبغي إقراره منذ ثلاث سنوات، إلا أنه لن يُبصر النور حتى يذوب ثلج مدّخرات اللبنانيين نهائياً. أما الجدول المطلوب بحثه فعلياً فكان مطروحاً في الشارع حيث حملت الفئات المتنوعة من الناس مطالبها الخاصة والمشتركة، من الطبابة والدواء إلى الكهرباء إلى الأجور وفرص العمل وصولاً إلى استعادة هيبة الدولة وحماية العدالة وحق البحث عنها.
كان يمكن لرئيس المجلس أن يكتفي ليجعل مجلسه منتجاً، بطرح ما قاله في القاهرة وما نقلته عنه «الجريدة» الكويتية من أن لبنان موافق على مبادرة أحمد ناصر الصباح بكل بنودها ما عدا ما يتعلق بالقرار 1559. عندها كنا، ربما سنكتشف مجلساً مسؤولاً ونواباً يفكرون ويصوتون على مستقبل أولادهم. أليست بنود المبادرة الكويتية مشروعاً لإعادة بناء الوطن اللبناني؟
لكن ذلك لم يحصل ولن يحصل فثمة رأي ايراني جرى التأكيد عليه في ذكرى تولي السيد حسن نصرالله قيادة حزب الله ( مهر نيوز/16/3/22) مفاده : «الآن بدون موافقة «حزب الله» لن يتم انتخاب الحكومة في لبنان، وهذا يعني انتصار المسار المخطط له في لبنان»!
ألا يجدر بسيّد نفسه أن يبحث عن دور له في هذا المخطط؟ أو أقله إبداء رأيٍ له فيه؟