كان عنوان مواجهة منظومة الفساد وخراب الدولة والسلاح غير الشرعي من أبرز العناوين التي على أساسها خاضت أحزاب وتيارات وشخصيات الانتخابات النيابية وحققت نتائج، وكان بعض من يهاجم المنظومة وفسادها قد تحالف مع أهم رموزها بالنسبة له.
ومع استحقاق انتخاب رئيس لمجلس النواب ونائب للرئيس قد يكون هؤلاء أو بعضهم ساهموا في إعادة بث الروح في هذه المنظومة التوأم مع السلاح غير الشرعي تحت عناوين وشعارات غير مبررة ضاربين بعرض الحائط ثقة الناس الذين صوتوا لهم في صناديق الاقتراع.
من يساهمون في هذه العملية لا يمكنهم ان يشتكوا لاحقاً من أي تعطيل أو شلل في السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولا يمكنهم أن يصفوا أنفسهم بالمدافعين عن حقوق الناس ومدخراتهم وبأنهم أرباب الإصلاح والتغيير، وأنهم سيفرضون نمطاً جديداً في الحكم يبتعد عن التسويات على أساس المحاصصة وتقاسم المواقع والنفوذ.
من يساهمون في هذه العملية قد يتهمون بأكبر عملية غش للناخبين، فهم استثاروا حماستهم في مواجهة المنظومة وتوأمها السلاح غير الشرعي، وعندما وصلوا إلى كرسي النيابة بدأوا إعادة حساباتهم ودرس مصالحهم الشخصية وكيفية الحفاظ عليها.
من يساهمون في هذه العملية ستكون لهم اليد الطولى في توجيه رسالة سلبية إلى دول العالم الحر والدول العربية الشقيقة لجهة أن كل كلام معسول في إطار حسن العلاقة مع هذه الدول لا يتجاوز مسألة تصاريح ومواقف لا تقدم ولا تؤخر، فتحسين العلاقات مع هذه الدول يستلزم أفعالاً على مستويين: الأول هو الحد من قدرة أي فئة لبنانية على تعكير هذه العلاقات والإضرار بالدول المعنية، والثاني هو تسليم مقدرات إدارة السياسة الخارجية لجهة موثوق فيها لا تحوم حولها أو ليست متهمة بشبهات وجرائم فساد.
التغيير لا يكون فقط من خلال زيادة عدد من يحملون عناوين لمشاريع طنانة في الإصلاح وبناء الدولة، بل يكون من خلال الممارسة التي تظهر الحالة الاعتراضية بأي خطوة ممكنة ويجيزها القانون والدستور، وأن أي تصرف آخر هو تهرب من المسؤولية والتعهدات والوعود.
التغيير يستلزم المواجهة الكاملة لا نصف او ربع مواجهة، ومن المعيب إضاعة أي فرصة للتغيير او للتعبير عن رفض المنظومة من قبل من أعلن عزمه على مواجهتها، وإلا فإننا لن نخرج من الدوامة التي نحن فيها اليوم ولن نوقف أي انهيار ولن نخرج من جهنم، وعندها ستنقلب الصفة عند بعض النواب من نواب التغيير إلى نواب التعتير.