Site icon IMLebanon

البرلمان بين التمديد والفراغ

 

مع تأكّل المهل الدستورية، وقبل 28 يوماً من انتهاء مدة مجلس النواب، الممدّدة أصلاً، لم تعد القضية قضية إجراء الانتخابات أو عدم إجرائها، وبات الخيار الوحيد محصوراً بين تمديد ثانٍ أو فراغ يقضي على آخر المؤسسات الدستورية. إذ يأتي بعد شغور موقع الرئاسة الأولى وتحوّل الحكومة الى مرتبة تصريف الأعمال رغم الخلاف في وجهات النظر بين من يقول إنها لا تنتقل الى هذه المرتبة إلا مع بدء ولاية نيابية جديدة.

فتعذر إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في 16 تشرين الثاني المقبل بات أمراً مفروغاً منه بغض النظر عمن يتمسك ظاهرياً بإنجازها لأسباب شعبوية كـ«التيار الوطني الحر». فهو عارف تمام المعرفة بالأسباب التقنية والأمنية والقانونية التي تحول دون ذلك ومنها تخطي المهل في دعوة الهيئات الناخبة وعدم قيام هيئة الإشراف على الانتخابات بما يعرض نتائجها بسهولة للطعن لاحقاً، إضافة الى الأسباب الأمنية التي كشف المسؤولون عن وجودها، ومن أبرزها انشغال الأجهزة المختصة من جيش وقوى أمن داخلي في الحفاظ على الأمن المهتز في مناطق مختلفة، إضافة الى استهداف العسكريين وعمليات الخطف المستشرية خصوصاً في شرق البلاد.

هذا ما يجعل التمديد أمراً مفروغاً منه وخياراً وحيداً لمن لا يريد الوصول حالياً الى «عقد اجتماعي جديد» أو الى «مؤتمر تأسيسي» طالب به منذ فترة «حزب الله»، وتشدّد قبل يومين حليفه النائب طلال ارسلان في ضرورة الدعوة اليه خصوصاً أن المؤتمر التأسيسي يعني إعادة توزيع السلطات على الطوائف. وتنتزع الحصة الأكبر في هذه الحال الطائفة التي تتمتع بجهوزية ألا وهي الطائفة الوحيدة المسلحة التي تحكمت بمفاصل الحياة السياسية منذ العام 2005 على الأقل سواء باستخدام فعلي للسلاح كما حدث في 7 أيار 2007 أو باستخدام وهجه حين غزت مثلاً القمصان السود شوارع بيروت.

فإذا لم يعقد البرلمان جلسة تشريعية لإقرار التمديد قبل انتهاء ولاية البرلمان في 20 تشرين الثاني المقبل يصبح الفراغ النيابي أمراً واقعاً في ظل شغور رئاسي يضع البلاد في مواجهة المجهول الكبير.

ويقلل سياسي لبناني سيادي من احتمالات الوصول الى الفراغ باعتبار أن «حزب الله» يريد أن يستمر حالياً في الانصراف الى مشاغله في سوريا ولا يريد فراغاً يعمم الفوضى في لبنان. لكنه يستدرك بربطه هذا الموقف بمصلحة إيران التي قد ترى أنها تستدعي، في هذه اللحظة الصعبة من مفاوضاتها المتعثرة مع الغرب على ملفها النووي، أن تعزز الأوراق التي تمتلكها، من وضع سوريا الى اليمن، بورقة لبنانية إضافية.

فلبنان يواجه حالياً 3 ملفات أساسية: استكمال بناء الدولة، الملف الأمني الذي يتطور من سيئ الى أسوأ، انعكاسات أحداث سوريا وهي العنصر الوحيد الذي لا يمكن للبنان أن يؤثر في مجرياته.

فبالنسبة لاستكمال بناء الدولة بتنا أمام معضلة كبرى تتجسد في شغور الرئاسة الأولى وإمكانية فراغ برلماني ترتفع حظوظه إذا ما قرر «حزب الله» التلطي وراء إعلان البطريرك الماروني بشارة الراعي أنه «لا يبارك التمديد ولا مخالفة الدستور»، يضاف اليه موقف أكبر ثلاثة أحزاب مسيحية تتراوح بين مقاطعة جلسة التمديد أو حضورها والامتناع عن التصويت.

وبالنسبة للملف الأمني يبقى الطرح الوحيد المجدي تطوير القرار 1701 لأن أي مساكنة للدولة مع سلاح غير شرعي تحول دون تمتعها بالأرجحية. والامثلة على ذلك كثيرة بدءاً من اتفاق القاهرة وصولاً الى وقتنا الراهن.