Site icon IMLebanon

إنتخابات البرلمان أظهرت أنّ «الأكثرية» لا تزال قادرة على تأمين «الأكثريّة المطلقة»

أيّ نائب يُمكنه لعب دور «النائب المٓلٓك».. ونوّاب 17 تشرين لن يُحقّقوا التغيير بمفردهم –

 

أظهرت جلسة انتخاب رئيس مجلس النوّاب ونائبه وهيئة المكتب التي تتألّف من أميني سرّ وثلاثة مفوّضين، والتي شهدها مجلس النوّاب في ساحة النجمة امس، أنّ «أكثرية» المجلس النيابي السابق، لا تزال قادرة على تأمين «الأكثرية المطلقة»، رغم ما قيل ويُقال عن خسارتها، أي بإمكانها إيصال من تريد الى المنصب الذي يريده من خلال التصويت، وتأمين ال 64 صوتاً زائداً واحد، وإن اختلفت  التحالفات بين التصويت للرئيس ونائب الرئيس وهيئة المكتب. كما أنّ الإصطفافات السياسية من قبل قوى المعارضة والتي تُسمّي نفسها مستقلّة، فضلاً عن بعض الأحزاب التقليدية الى جانب «قوى التغيير» أو نوّاب 17 تشرين، لم تنجح في كسر «الأكثرية»، كونها تُساوي مجتمعة، في حال توحّدت، نصف مجلس النوّاب (أي 64 نائباً) ليس أكثر، فيما تريد «القوى التغييرية» تحييد نفسها عن هذه الإصطفافات، بعد أن لمست عدم فاعلية تقرّبها من مواقف بعض هذه القوى.

 

وتقول مصادر سياسية مواكبة لعملية انتخاب رئيس البرلمان، التي فاز بها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي لولاية سابعة من الدورة الأولى بالأكثرية المطلقة أي بـ 65 صوتاً، ونائبه النائب الياس بو صعب بـ 65 صوتاً أيضاً، ولكن من الدورة الثانية كونه أحرز في الدورة الأولى 64 صوتاً واحتاج الى صوت واحد للفوز، مقابل 13 ورقة بيضاء، وورقتين ملغاتين، هذه النتيجة أظهرت قدرة التحالف بين «الثنائي الشيعي» و»التيّار الوطني الحرّ» على تحقيق «الأكثرية المطلقة».. غير أنّ هذه الأخيرة تتحقّق متى اتفقوا، على ما أضافت المصادر، وإن اختلفت التحالفات بين التصويت لبرّي، من قبل بعض النوّاب المحسوبين على «تيّار المستقبل»، مع اقتراع «التيّار» بأوراق بيضاء، والتصويت لبو صعب الذي انتخبه نوّاب «حركة أمل» من ضمن النوّاب الذين اختاروه دون المرشحين الآخرين، ولا سيما غسَّان سكاف الذي نال في الدورة الأولى 49 صوتاً، ومع التفاف نوّاب 17 تشرين على النوّاب المعارضين والحزبيين والمستقلّين في الدورة الثانية، لم ينل سوى 60 صوتاً، في ظلّ بقاء ورقة بيضاء عدد 2، وورقة ملغاة، ما جعل هذا الإصطفافات من دون فائدة إذ لم يفز سكاف بمنصب نائب الرئيس.

 

كذلك الأمر بالنسبة للتصويت للنائب آلان عون لأمانة سرّ المجلس، فقد نال 65 صوتاً، على ما أشارت المصادر نفسها،  جرّاء التحالفات السياسية داخل البرلمان، وفاز بالمقعد المسيحي في أمانة السرّ، فيما حاز النائب زياد حوّاط على38 صوتاً، وميشال الدويهي على 4 أصوات فقط، مقابل 10 أوراق ملغاة و9 أوراق بيضاء. أمّا مقعد أمين السرّ الثاني، وهو مخصَّص عُرفاً للطائفة الدرزية ففاز به النائب هادي أبو الحسن، بعد انسحاب مرشح 17 تشرين النائب فراس حمدان، ليس لصالح أبو الحسن، إنَّما لصالح كسر الأعراف داخل مجلس النوّاب. فيما فاز المُرَشَّحون الثلاثة لمنصب مفوّضي الهيئة بالتزكية وهم عبد الكريم كبّارة وهاغوب بقرادونيان وميشال موسى.

 

وتقول المصادر أنّ برّي قابل ال 23 ورقة بيضاء (وال 40 ورقة ملغاة التي طالبت بالعدالة لضحايا انفجار مرفأ بيروت، وللقمان سليم، وللنساء المغتصبات وغير ذلك) التي أسقطت في صندوق التصويت له، كونها المرّة الأولى التي ينال فيها هذا العدد المنخفض من الأصوات، بقلب أبيض في كلمته التي ألقاها فور إعادة انتخابه رئيساً للمجلس. وتحدّث  خلالها عن 128 صوتاً في مجلس النوّاب للعمل معاً، وعدم ترك الفراغ يسود أي استحقاق، في إشارة الى تشكيل الحكومة المقبلة والاستحقاق الرئاسي.

 

وأشارت المصادر عينها، الى أنّ البعض يرى بأنّ الاستمرار في الحديث عن أقلية وأكثرية في مجلس النوّاب لا جدوى منه، سيما وأن الأمر بات يحتاج الى «صوت واحد» لصالح هذه الجهة أو تلك، ما يجعل كلاهما متحرّكاً بحسب الملف والمشروع والاستحقاق. كما أنّ شيئاً لا يضمن أن يبقى جميع النوّاب داخل التكتّلات التي اختاروا الإنضمام اليها حالياً في المرحلة المقبلة لسبب أو لآخر، ولحصول اختلاف في وجهات النظر أيضاً، على غرار ما جرى مع تكتّل «لبنان القوي» وكتلة «الجمهورية القويّة» في المجلس النيابي السابق، إذ غادر كلّ منهما عدد من النوّاب وخاضوا الإنتخابات الأخيرة إمّا بمفردهم، وإما باصطفافات جديدة.

 

من هنا، أكّدت المصادر أنّ أي من نوّاب المجلس الحالي يُمكنهم لعب دور «النائب المٓلٓك»، على غرار «الوزير الملك» الذي ساد في إحدى الحكومات، لتغيير الأكثرية المطلقة أمام أي تصويت يحصل داخل المجلس، ما يجعل الأمور غير محسومة في كلّ مرّة لهذا الفريق أو ذاك. وهذا ما قد يجعل التنافس على تقديم مشاريع القوانين والقيام بالإنجازات المطلوبة، يُحدّد مواقف بعض النوّاب الذين لم يصطفوا بعد الى جانب أي فريق بشكل نهائي. أمّا نوّاب 17 تشرين فمن دون الإصطفافات السياسية قد يصعب عليهم تحقيق «التغيير» المنشود، نظراً لقلّة عددهم، وعدم توحّدهم على موقف واحد رغم محاولتهم القيام بذلك، على ما بدا واضحاً خلال جلسة انتخاب الرئيس ونائبه وهيئة المكتب التي شكّلت «بروفا» لأدائهم في السنوات الأربعة المقبلة.