عند اول استحقاق نيابي تعرّى برلمان 2022 من مفهوم اكثرية او اقلية ، فظهر «الموازييك» المبعثر بين كتلة من هنا واخرى من هناك ، وسقط في 31 ايار2022 كل من خرج يوم 16 ايار ليتحدث عن اكثرية «سيادية» في وجه ما يصفه البعض بالاحتلال الايراني للبنان.
فلا «القوات» التي تباهت بالاكثرية وراحت تعد النائب تلو الاخر ليل 15 ايار تمكنت من ايصال مرشحها زياد الحواط الى هيئة مكتب مجلس النواب، بعدما حا اصواتا هزيلة لم تتخط ال38 مقابل 65 صوتا صبت كلها لمرشح التيار الوطني الحر الان عون، ولا تصويتها للمرشح غسان سكاف لنيابة الرئاسة نفع، والتي سارت به ولو على مضض «كرمى لعيون التغييريين»، بعدما ايقنت استحالة ايصال مرشحها غسان حاصباني.
حتى «التغييريون» انفسهم بانوا منقسمين، مشرذمي الصفوف، فمنهم من طالب عشية الاستحقاق بترشيح ملحم خلف، ومنهم من كان ضد السير بغسان سكاف، ما ترجم اوراقا بيضاء في الدورة الاولى، قبل ان ينقلب الابيض الى اسم واضح عنوانه واضح: مرشح الاحزاب او بالاحرى مرشح «الاشتراكي» ومعه «القوات»: غسان سكاف، فسقط «التغييريون» ايضا سقطة مدوية، بعدما التحقوا بما يريده جزء من المنظومة التي كانوا يرفعون خارج اسوار المجلس، وقبل ان تطأ ارجلهم ادراج البرلمان، شعارات مناهضة لها ذهبت لحد وصفها بالفاسدة التي تتطلب تغييرا بـ «كلن يعني كلن».
لكن يبدو ان «الاشتراكي» و»القوات» يجب ان يبقيا، بحسب بعض «القوى التغييرية» كيلا نعمم، خارج اسوار «كلن يعني كلن»، وما حصل بالامس على حد تعبير مصدر في 8 اذار خير دليل على ذلك.
المصدر نفسه استغرب تغريدة رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي خرج الاربعاء ليغرد قائلا: «بعد هزيمة الامس للاغلبية الجديدة في المجلس النيابي في انتخاب نائب رئيس، نتيجة سوء التنسيق، قد يكون من الافضل صياغة برنامج مشترك يتجاوز التناقضات الثانوية من اجل مواجهة جبهة ٨ آذار السورية الايرانية التي للتذكير ستنتقم لهزيمتها في الانتخابات بكل الوسائل ولن ترحم احدا» ، واعتبر المصدر الذي يدور في فلك 8 آذار ان كلام جنبلاط «مضحك مبك»، كونه هو نفسه صوت لبري رئيسا لمجلس النواب لولاية سابعة، ولولا اصوات «اللقاء الديموقراطي» كاملة لما كان فاز بري من الدورة الاولى ب65 صوتا، ويسال المصدر: اذا كان جنبلاط يقصد ان بري في المحور السوري – الايراني فلم صوّت له؟ وكيف ان ما ينطبق على بري تصويتا لا ينطبق على الياس بوصعب بالنسبة لجنبلاط ؟ فهل جنبلاط ممانع على بوصعب وغير ممانع على بري؟ علما ان العلاقات التي تجمع الياس بوصعب مع الدول الغربية، وفي مقدمها الولايات المتحدة، تؤكد ان الرجل بعيد كل البعد عن المحور الايراني، ومن ساهم في ايصاله للمنصب هو شخصيته المنفتحة على الجميع وعلاقاته القوية، لا سيما انه مَن رشح نفسه، وتبنى التيار ترشيحه.
على اي حال ، فالواضح بحسب ما تجزم اوساط متابعة، ان استحقاق الثلاثاء اكد ان تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر مع «امل» ولو «عالقطعة»، يبقى امتن واقوى من اي معارضة عددية افرزتها انتخابات ايار ، وتكشف هذه الاوساط ان الفضل بما حصل يعود حكما لحزب الله الذي أدى دور «المايسترو» وادار الجلسة ليلا عشية حصولها ولو عن بُعد، فاحكم قبضته، وكان كـ «معلّم الجلسة اللي حسبا عالبكلة»، مانعا اي خرق بين حليفيه ومرشحيهما، فضمن فوزا لحليفه الشيعي التاريخي بري ب65 صوتا ، ولحليفه المسيحي التيار ب65 صوتا عبر نائبه الياس بوصعب.
صحيح ان حزب الله حرص على كسب الجولة الاولى من الاستحقاقات كاملة مسجلا 2-0 بمرمى قوى المعارضة من «قوات» و»اشتراكي» و»كتائب» و»تغييريين»، لكن الاكيد كما تجزم مصادر مطلعة على جو عين التنية، ان تصويت «التنمية والتحرير» لالياس بوصعب اتى اقتناعا من بري بشخصية بوصعب وانفتاحه على الجميع، وبقناعة منه بان العمل التشريعي مع بوصعب اسهل من شخص آخر «داخل جديد وما بيعرف بعد بالتشريع»، ناهيك بالعلاقة الجيدة التي تربط بين بوصعب وبري، وتضيف المصادر: «تأكدوا انه لو تم ترشيح شخص آخر غير الياس بوصعب من قبل التيار لمنصب نائب الرئيس، لما كان بري سيسير به»!
وفي اطار الحديث عن هيئة مكتب مجلس النواب، التي شهدت اعادة تكوينها معركة فقط على موقع امين السر الماروني، بعدما فاجأت «القوات» بحسب المعلومات الجميع صباح الثلاثاء بنيتها ترشيح زياد الحواط بوجه الان عون، يكشف مصدر مطلع على جو عين التينة ان نواب «القوات» عمدوا الى التفاوض مع نواب «التنمية والتحرير» صباحا سائلين عما اذا كان بالامكان التصويت لحواط، فرد بعضهم :»قبل ما تطلبوا هيك طلب ليش انتو رح تصوتولنا بالاول؟ (والمقصود هنا عدم تصويت «القوات» لبري)!
على اي حال، انتهى الاستحقاق النيابي على ان يختتم الثلاثاء مع استحقاق اللجان ورؤسائها، وسط ترجيحات بان يبقى التوزيع الحزبي والطائفي على قدمه، مع تبديل اسماء واضافة اخرى سنية مكان «تيار المستقبل» واللجان التي كان يترأسها اعضاؤها.
وتوجهت الانظار الى الاستحقاق الحكومي مع الزيارة التي قام بها بري واعضاء هيئة مكتب الى بعبدا، والتي تخللها بحث بالاستشارات النيابية الملزمة، وعلم انه جرى اتفاق ان ينتظر تحديد موعد لهذه الاستشارات اتضاح الصورة البرلمانية لجهة تشكل الكتل التي لا يزال قسم كبير منها مشتت الاعضاء.
وفيما بدأ الحديث يدور في الاعلام عن طرح اسم من هنا، وآخر من هناك لرئاسة الحكومة، وعودة الحديث عن اسماء كعبد الرحمن البزري وجواد عدرا، مقابل اسم جديد قديم هو نفسه نجيب ميقاتي، يجزم اكثر من مصدر بارجحية عودته ، وعلقت اوساط مطلعة في الثنائي الشيعي عبر «الديار» بالقول :» مية مرة نجيب ولا مرة البزري، هيدا اذا كان في حكومة»!