تستكمل اللجان النيابية المشترَكة، اجتماعاتها هذا الأسبوع للبحث في قانون الانتخاب، وسط أجواءٍ غير مطمئِنة أكدتها أوساط المشاركين.
التفاؤل شبه غائب عند مختلف الكتل النيابية في شأن صيغة قانون إنتخابي مشترَك يُتفق عليه، ما يدلّ على أنّ قانون الانتخاب الذي سيناقَش في الجلسة المقبلة سيدور في حلقة مفرغة، خصوصاً أمام الخلاف الحاصل على المشروعين المختلطين المقترحين.
حيث يقسم الاقتراح الأول المقدّم من الرئيس نبيه برّي، المقاعد مناصفة بين النسبي والأكثري. فيما ينصّ الإقتراح الثاني المقدّم من تيار «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي و«القوات اللبنانية» على إجراء الإنتخابات على أساس 68 مقعداً وفق النظام الأكثري و60 مقعداً وفق النسبي، واعتماد الأقضية المعمول بها حالياً أي 26 قضاءً، قاعدة لإجراء الانتخابات على النظام الأكثري، فيما تمّ اعتماد المحافظات اللبنانية (باستثناء جبل لبنان) كتقسيماتٍ لإجراء الانتخابات بموجب النظام النسبي.
في غضون ذلك، قال مصدر قوّاتي متابع لـ«الجمهورية»، إنّ «القوات»، تعمل بشكل مكثّف ومركَّز وتجري الاتصالات اللازمة مع الكتل النيابية لكنّ الاتجاه هو نحو القانون المختلط»، مؤكداً أن «لا تمديد للمجلس النيابي الحالي، وفي حال عدم الاتفاق على صيغة قانون، ستجرى الانتخابات وفق القانون الحالي».
بدوره، يشير نائب «المستقبل» عمار حوري إلى أنّ «العملية تحتاج الى وقت، فالنقاش لا يزال مفتوحاً، ومن المبكر الحكم على أيّ شيء». ويؤكد لـ«الجمهورية» التضامن مع «القوات» والحزب التقدمي الاشتراكي ومحاولة مناقشة القانون المختلط مع الأفرقاء عبر اللجان المشترَكة، مضيفاً: «نتمنّى أن تجرى الانتخابات في وقتها ونحن نبذل كلّ جهودنا لتحقيق ذلك، لكنّ النتيجة غير مضمونة».
وفي السياق، يشير عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي بزي لـ«الجمهورية» إلى أنّ «موقفنا الأساس، هو مع لبنان دائرة واحدة على أساس قانون النسبية، على اعتبار أنه يشكل شبكة خلاص وأمان للبنان.
ولكن مع تعذّر الوصول اليه وَجدنا أنّ أقرب السبل لتحقيق تلك الشبكة مع مراعاة هواجس مختلف المكوّنات، يكون باعتماد القانون المختلط الذي قدمته رئاسة المجلس النيابي، وصاغته بميزان الجوهرجي، ليؤكد عناصر التوازن السياسي وصحّة التمثيل وخصوصاً عند المسيحيين، إضافة الى إدخال النسبية للمرة الأولى في القوانين الانتخابية».
ويتمنّى «الاتفاق على هذه الصيغة الإنقاذية، خصوصاً أنّ سائر الصيغ المطروحة، هي صيغ حزبيّة ضيّقة وُضعت على المقاسات السياسية والشعبية ولم تراعِ ابداً مكامن القلق والهواجس، بينما الصيغة الإنقاذيّة حدّدت تلك المكامن وعملت على تبديدها». ويشدّد بزي على أنه «غير متفائل بإمكان الوصول الى التوافق المنشود، لأننا ما زلنا نراوح مكاننا منذ سنوات ولأنّ هناك أكثر من قطبة مخفيّة، تحت أكثر من طربوش».
بدوره، يرى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فيّاض أنّ «هناك تحسّناً في المناخ الذي يحيط بنقاشات قانون الانتخاب، انطلاقاً من إعلان الفريق الآخر استعداده للتفاهم على قانون.
ويستدعي التفاهم تخلّيه عن مشروعه المطروح لأنه يعاني من خلل جوهري»، ويقول لـ«الجمهورية» إنّ «مشروع الرئيس بري هو الاكثر توازناً وحيادية، وإذا كانت هناك تعديلات مطروحة يجب أن تتمّ على أرضيّة مشروع برّي وليس على أيّ مشروع آخر»، مؤكداً التمسك بالنسبية الكاملة.
ويلفت الى أنّ «الايجابية في هذا الموضوع مقتصرة على المواقف في وسائل الإعلام، لكن علينا أن ننتظر الجلسلة المقبلة لنرى، فهذا النقاش معقَّد وصعب ولكن إذا صفت النوايا سنتّفق على قانون»، معتبراً أنّ «العقدة هي لدى تيار «المستقبل» الرافض لهذا القانون».
في المقابل، تشدّد مصادر «التيار الوطني الحر» على «التمسّك بالقانون النسبي الذي لا يلعب بمصير اللبنانيين وينتهك حقوقهم، ويؤمن المناصفة والحرية الكاملة للناخب للإدلاء بصوته».
وتضيف: «لو أنّ الدستور لم ينصّ على المناصفة لما كان هناك شيء اسمه «اتفاق الطائف»، والخلل في هذا الاتفاق أدّى الى إنتاج 5 قوانين انتخابية جديدة»، معلنة تأييد «أيّ قانون يعتمد النسبية ويؤمّن التمثيل الصحيح».
الى ذلك، يقول مصدر كتائبي لـ«الجمهورية»، إن «لا تفاؤل ولا تشاؤم في الموضوع، والكتائب طرحت قانون الدائرة الفردية، أي 128 دائرة فردية، حيث تضمّ كلّ دائرة مقعداً واحداً، يترشح له عدّة مرشحين، ويختار المواطنون ضمن هذه الدائرة ممثّلهم، بحيث تعبّر هذه الصيغة عن التمثيل الصحيح للشعب اللبناني وتمنع ابتلاع القوى الكبيرة للقوى الصغيرة».
ويلاحظ أنّ «عدداً من الاطراف أبدى تأييده لهذا القانون، مثل رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط والنائب أحمد فتفت، ولكنها لم يوقّعا رسمياً على ذلك»، مشيراً الى «محاولة البعض حصر النقاش بمشروعين يعتمدان القضاء كدائرة انتخابية في النظام الأكثري، ما يغلق المجال أمام مناقشة القوانين الأخرى التي وُضعت على جدول أعمال اللجان المشتركة».