استطلاع خارجي مُرتقب للملف الحكومي عبر حركة موفدين
يصح القول أن السمة الغالبة في المشهد السياسي المحلي الآن هي الترقب: ترقب خلاصة الإستشارات النيابية الملزمة الخميس المقبل لتسمية رئيس حكومة جديد، وترقب نتائج محادثات الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية آموس هوكستين مع الجانب الإسرائيلي، حول العرض اللبناني بشأن حقل قانا كاملا والخط ٢٣ من دون تعرج، اما ما بينهما فتزداد المخاوف من مواصلة الانهيارات المتتالية في جميع القطاعات في لبنان.
يجري رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاستشارات النيابية في يوم واحد خلال مرحلتي قبل وبعد الظهر وذلك مع الكتل النيابية والنواب المستقلين والمنفردين، وبما أن موعد الإستشارات حدد الخميس المقبل، فذاك يعني أن الفرصة متاحة للتداول بتفاصيل التأليف الذي يتوقع له أن يخضع لحرب ضروس، لا تشبه حروب التأليف الأخرى.
لن يخرج الرئيس عون عما ستفضي إليه نتائج الاستشارات وبالتالي سيكون الجميع على موعد مع رئيس حكومة مكلف عصر الخميس إلا إذا قامت تطورات حتمت تأجيل الاستشارات. وهذا الامر غير محسوم بعد لاسيما أنه كان في امكان رئيس الجمهورية ان يؤخر الموعد على اعتبار أن ما من نص دستوري يلزمه بالموعد..
فما الذي قد يستجد حتى يوم الخميس ؟ مما لا شك فيه أن مواقف الكتل ستتظهر أكثر فأكثر وستنشط التحركات على صعيد إبراز أسماء مرشحة وتوحيد المواقف من التسميات.
لن يقدم الرئيس عون على خيار غير دستوري كرفض تكليف أي شخصية، لكنه سيمارس دوره كاملا في المشاركة في تأليف الحكومة، وستكون هناك معايير وقواعد.
اما الكلام عن حكومة تعكس نتائج الانتخابات التي جرت، فيجوز أن تصلح وأن لا تصلح أيضا لاسيما أن القوى التي فازت في الانتخابات لا تريد المشاركة في حكومة العهد الأخيرة.
وتلفت مصادر سياسية مطلعة عبر «اللواء» إلى أنه على الرغم من أن الرئيس نجيب ميقاتي لا يزال يتصدر الأسماء المرشحة وفق سيناريو يفيد أنه سيحصل على ٦٠ أو ٦٥ صوتا، فإن ثمة من يتحدث عن إمكانية بروز أسماء دخلت سابقا في السباق الحكومي أمثال السفير نواف سلام وهذا ما تعمل عليه بعض الأحزاب ولاسيما القوات اللبنانية، وتشير إلى أن هذه المسألة غير واضحة بعد، في حين أن كتل التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة واللقاء الديمقراطي والمردة لا تمانع من تسمية ميقاتي فضلا عن بعض النواب المستقلين وقدامى المستقبل.وكذلك هناك من حزم أمره وقرر عدم التسمية والبعض يتصل بشخصيات مستعدة لتولي هذا المنصب، والبعض الآخر يحاول تنسيق الجبهات مع القوى التغييرية والسيادية.
وترى المصادر نفسها أن مشهد الاستشارات لن ينسحب على مشهد التأليف، إذ أن عدم التسمية لا يعني عدم المشاركة في الحكومة مع الأخذ بالإعتبار أن الميثاقية تعد ضرورة لعملية التشكيل، معربة عن اعتقادها ان التعقيد سيلف الملف الحكومي بأكمله خصوصا إذا أصبحت المواجهة بين فريق التيار الوطني الحر من جهة والرئيس المكلف ومن يدعمه من جهة اخرى أكثر حماوة، وكل ذلك قد يصب في تعذر التأليف والدخول في متاهة دستورية وقانونية.
وتعتبر أن المشاورات التي تتم مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ومع بعض الشخصيات تنم عن التحضير لطبخة وطنية، لن يكون بعض السفراء بمنأى عنها.
لن تكون أولويات الحكومة الجديدة فضفاضة إلا إذا تسلَّمت صلاحيات رئيس الجمهورية
وترى هذه المصادر أن الترويج بعدم قيام تعاون بين رئيس الجمهورية والرئيس ميقاتي، فذاك مصدره النائب جبران باسيل كما أصبح الجميع يعلم، وتلفت الى أن السؤال هنا يتركز على الأسس التي تتحكم بعملية التشكيل أو بالأحرى العوامل التي تدخل في هذا السياق، مؤكدة أنه مخطىء من يظن ان التفاوض النهائي بشأن الحصص والملفات التي ستطرح قد بدأ، فمعلوم أنه في فترة التكليف تطرح الشروط وتستجد شروط أخرى. وبالنسبة إلى الرئيس ميقاتي فهو يعلم الشاردة والواردة في المطبخ الحكومي وما يريده التيار وغير التيار، كما أنه غاص في متابعة ملفات اقتصادية ومالية.
وتقر هذه المصادر بأن قيام حكومة تدير الإنهيار وإنجاز الإتفاق النهائي مع صندوق النقد هو أمر ملح إلى ان ذلك يعني أن شكل الحكومة لن يحيد عن صفة التكنوسياسية، معتبرة ان اتصالات خارجية بدأت تشق طريقها سواء من خلال الإستطلاع أو جس نبض أو من خلال المبادرة إلى إبداء الدعم وهذا الأمر يستكمل في الأيام أو الأسابيع المقبلة من خلال حركة موفدين.
لن تكون أولويات الحكومة الجديدة في حال شكلت فضفاضة، فهي تعرف «البير وغطاه»، إلا إذا تسلمت صلاحيات رئيس الجمهورية في حال الفراغ، ولكن عند التيار أولويات سيحاول العمل على فرضها إذا اتيح له، وهذا يعني كباشاً حكومياً مرتقباً.. وهنا تقول المصادر انه لا بد بداية أن يمر التكليف بخير وعندها لكل حادث حديث.
بإختصار إنه الإنتظار الذي يفرض اثمانا باهظة تنعكس على أوضاع البلد، فهل يتبدل هذا الواقع الذي «شلش» مع مرور الوقت ؟