IMLebanon

إستشارات التكليف لا تحتاج الى أكثرية

 

عشية إنطلاق الإستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة تمهيداً للتأليف وفق الأصول الدستورية، ثمة أسئلة كثيرة تُطرح حول ما هو دستوري أو غير دستوري وحول الأعراف والإبتكارات التي تتميز بها القوى السياسية الحاكمة في البلاد، ومن هذه الأسئلة العدد الذي يُفترض أن يناله الرئيس المكلف من الأصوات أو النواب الذين يسمونه في الإستشارات الملزمة، سيما وأن المجلس النيابي الحالي قد استقال منه ثمانية نواب والذين سيشاركون في الإستشارات في حال عدم الغياب أو المقاطعة هم 120 نائباً.

 

سبق وحصلت إستشارات التكليف وإستشارات التأليف التي أفضت إلى تكليف السفير مصطفى أديب في 31 آب الماضي في القصر الجمهوري في بعبدا وفي 2 أيلول الماضي في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة بسبب تضرر مبنى المجلس النيابي جراء إنفجار المرفأ في الرابع من آب، من دون التوقف أمام هذا النوع من الأسئلة ومحاولة الإجابة عليها وقد إعتذر أديب عن التأليف في 26 أيلول أيضاً من دون الإشارة إلى هكذا أمور رغم وجود تسميات أخرى أثناء إستشارات التكليف. وبمعزل عن المواقف السياسية التي أطلقت من هنا وهناك وأعراف ما يُسمى ميثاقية وغيرها من التسميات، فإن النص الدستوري القائم يحسم الجدل ويجيب على بعض هذه الأسئلة كما أن هناك تجارب سابقة يمكن الإستشهاد بها حول هذا الأمر وخصوصاً عدد الأصوات الذي يناله الرئيس المكلف.

 

تقول الفقرة الثانية من المادة 53 من الدستور: “يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب إستناداً إلى استشارات نيابية ملزمة يُطلعه رسمياً على نتائجها”.

 

يوضح الخبير الدستوري والمحامي والوزير السابق زياد بارود في حديث لـ”نداء الوطن” أنه “لا يوجد نص دستوري يتحدث عن النصاب أو العدد المطلوب أن يناله الرئيس المكلف لكي يتم تكليفه بتشكيل الحكومة، والذي يحصد أكبر عدد من الأصوات وليس بالضرورة أكثرية مطلقة أو غيرها، وعبارة الإستشارات الملزمة هي التي تعطيها الطابع الدستوري بمعنى أنها ملزمة ويجب أن تحصل وهي ملزمة أيضاً لرئيس الجمهورية في النتيجة التي يُقررها النواب”. ويرى أكثر من فقيه أو خبير دستوري أن ليس هناك أكثرية واضحة في الدستور للتكليف وبالتالي ليس هناك ضرورة لإستحصال المرشح على 65 نائباً أي النصف زائداً واحداً، وبالتالي يربح من يحصل على النسبة الأكبر من الأصوات.

 

وعملاً بأحكام المادتين 27 و45 من الدستور يحق للنواب حضور الإستشارات أو التمنع عن الحضور، أي المقاطعة أو الإعتكاف كما يحق للنائب ألا يسمي، وأن يكتفي بتحديد مواصفات لرئيس الحكومة المكلف، أو تسمية أكثر من مرشح، ولا يحق للنائب أن يوكل غيره بممارسة مهامه، كما لا يحق له تجيير صوته لمصلحة رئيس الجمهورية أو تفويض رئيس الجمهورية إختيار من يشاء عنه.

 

وبمعزل عن المواقف والخلافات السياسية، سبق واعتذر الرئيس الراحل رفيق الحريري عن تشكيل الحكومة مساء يوم الجمعة في 27/11/1998 بعدما تبلغ من رئيس الجمهورية حينها إميل لحود بأن نتائج الإستشارات النيابية الملزمة كانت 83 نائباً لمصلحته، و31 نائباً فوضوا إلى لحود أمر التسمية.

 

كذلك تم تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بـ57 صوتاً في مقابل 39 سموا النائب الحالي والوزير السابق عبد الرحيم مراد، في 16 نيسان 2005 بعد جدال دار حينها أيضاً حول إحتساب سبعة أصوات لنواب كانوا خارج البلاد ومن بينهم النائب وليد جنبلاط آنذاك.

 

في الخلاصة، إن استقالة النواب الثمانية سيكون لها تأثير في ترجيح كفة أي اسم ربما يُقترح للتكليف بتشكيل الحكومة في حال تمت العملية بطريقة دستورية وخارج التفاهمات المسبقة والأعراف والإبتكارات التي يبرع بها الطاقم السياسي الحاكم في لبنان، كما أنهم يتساوون في عملية الإستشارات الملزمة مع من يُقرر المقاطعة وعدم المشاركة في هذه الإستشارات.