IMLebanon

ثلاث مسرحيات ومُخرج لئيم

 

 

محيّرٌ النوع المسرحي الذي دُعينا إليه عنوةً في الساعات الثماني والأربعين الماضية. الكلّ على الخشبة. خليطٌ من غضب كاذب ودبلوماسية رياء واستهبال مضحك للناس، ممزوج بسماجة تثير غثيان المشاهدين وتدفعهم الى يأس إضافي.

 

وإذا استثنينا الاستعراض المسكين على طريق بعبدا في ذكرى 13 تشرين، فإن لبنان شهد ثلاث مسرحيات دفعة واحدة، عرض متواصل ذكَّر بسينما أمبير: إتحاد عمالي مأجور يثور دفاعاً عن الأجراء، وجولة حريرية “ودية” تُقسِم أغلظ الايمان بأنها لم تتطرق مطلقاً الى التكليف، وخلافٌ مفتعل على وفد الترسيم لإقناع اللبنانيين بأن “الثنائي الشيعي” بريء من مسار ينهى النزاع مع اسرائيل.

 

تجرى العروض غير آبهة بالجمهور، فصُنعةُ العمل السياسي تُغني المحترفين عن عرض حقيقي وقابل للتصديق، والإغراق في التعمية يوهم بأن هناك عبقرية تهجس بالمصلحة العامة وراء الكواليس.

 

يستحق الاتحاد العمالي العام جائزة “أردأ كومبارس”. يدَّعي الدفاع عن حقوق العمال والموظفين فيما ينفّذ أجندة المنظومة الفاسدة التي نصَّبته وحوَّلته عالة على الحركة النقابية، وكابحاً للنضال ضد طبقة السارقين التي أضرّت بكل اللبنانيين. ولا شك في أن موقفه المخزي من انتفاضة 17 تشرين واتهامه لها بـ”التسييس” يجعلانه واحداً من أدوات السلطة غير جدير بأي تقدير. وما تحركُه في “يوم الغضب” أمس إلا أضحوكة بعدما “وقع الفأس في الرأس” وصار “رفع الدعم” طريقاً الى وقف الانهيار بعدما أصرَّت “المنظومة” على رفض إقفال المعابر وإباحة التهريب.

 

أما وفد الرئيس الحريري الى الكتل السياسية المعنية بالاستشارات فكان أفضل حتماً لو أعلن انه يجري المحادثات لجمع التأييد للترشيح، او انه يُرقّع “هفوات” المقابلة التلفزيونية أو “النكعات” المقصودة. ومع ان هذا النوع من التشاور وما سمَّاه وليد جنبلاط “التكليف الذاتي” يخالفان الدستور، فإن الصراحة كانت ستُغني عن التفسير، والأهم ليس سؤال الوفد لمن قابَلَهم عن البديل بل الإجابة عما تغيّر منذ استقال الحريري تحت ضغط انتفاضة 17 تشرين، ليعود على حصان ماكرون ومع الفريق نفسه بعد عام من الإفلاس والتدمير؟

 

ثالثة الأثافي “أم المسرحيات”. فبعدما درس الرئيس بري ملف الترسيم عشر سنين وانتهى الى اعلان “عين التينة” التاريخي بأن غازَنا على بُعد “كمشة” اجتماعات لاطفاء الديون، يريدنا “الثنائي” تصديق ان خطوة من هذا القبيل لم يتم التفاهم المسبق على تفاصيلها الدقيقة مع شريك “مار مخايل” الساكن في القصر الرئاسي. وما افتعال بيان تبرئة الذمة قبيل فجر الأربعاء لـ”نزع الشرعية” عن المفاوضين إلا ذر رماد في عيون من صدقوا ان الممانعة مبدئية، لا تخشى العقوبات ولا تأخذ بميزان القوى وخصوصاً بحساب البازار الايراني – الاميركي… هو سيناريو قليل الحيلة يصلح لتغذية أوهام “الجمهور” و”المناصرين” وليس “المواطنين”.

 

مسرحيات ثلاث تتأرجح بين الكوميديا السوداء والعَبَث، لكنها بالتأكيد في عهدة مخرج واحد لئيم.