IMLebanon

الأساس التكليف وليس التأليف!

 

 

مع دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الاستشارات النيابية الملزمة في 23 حزيران الجاري، لتكليف شخصية تأليف الحكومة، تأخذ المشاورات السياسية حيال إسم الرئيس المكلّف منحى «حسابياً» وجدّياً أكثر. وستتواصل المشاورات بين قوى المعارضة من «سياديين» و»تغييريين» حتى اللحظة الأخيرة التي تسبق موعد الاستشارات، على غرار ما حصل في عملية انتخاب نائب رئيس مجلس النواب. لكن هل ستُمنى هذه القوى في استحقاق التكليف بالهزيمة نفسها التي مُنيت بها في المعارك الانتخابية في مجلس النواب، أم ستتمكّن من جمع أكثرية لإسم الرئيس المكلّف؟

بحسب مصادر مطّلعة، إنّ تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تأليف الحكومة الجديدة هو المرجح، خصوصاً إذا سمّاه «اللقاء الديموقراطي» ومعظم النواب السنّة. فهل سيخذل «الحزب التقدمي الاشتراكي» حليفه حزب «القوات اللبنانية» في هذه المعركة، تحت عنوان «الواقعية السياسية»، كما فعل برفضه وكتلة «المستقبل» الاستقالة من مجلس النواب والدفع الى انتخابات نيابية مبكرة، في المرحلة السابقة لأيار 2022، وتحديداً قبيل استقالة حكومة الرئيس حسان دياب؟ كذلك كما فعل في الاستحقاقات الحكومية بعد نهاية عام 2019، تكليفاً ومشاركةً، وكما لم يجارِ «القوات» في الاستقالة من حكومة الرئيس سعد الحريري بعد «ثورة 17 تشرين» 2019؟ وهل ستُعتمد «البراغماتية الجنبلاطية» في استحقاق التكليف، فيسمّي «اللقاء الديموقراطي» ميقاتي؟ وهل يدخل في تسوية حكومية مع فريق العهد و»الثنائي الشيعي»؟

يعتبر «الاشتراكي» أنّ «الأولوية في الوقت الحاضر للمعالجة الاجتماعية والاقتصادية وخطة التعافي والتفاوض مع صندوق النقد، فهذه حكومة لأربعة أشهر، ولا نريد «تركيبها» على قاعدة أنّ هناك فراغاً رئاسياً، فنحن نريد انتخابات رئاسية اليوم قبل الغد. ونريد حكومة مهمّة مرتبطة حصراً بموضوع خطة التعافي الاقتصادي والمعالجات الإصلاحية». وتقول مصادره: «إذا كانت هذه التسوية، فنعم لتسوية على قاعدة إعطاء الأولوية لهذه الأمور، فالقضايا الأخرى لا أهمية لها الآن».

وفي حين تؤكّد مصادر «القوات» أنّ «هناك تطابقاً مع «الاشتراكي» في وجهة النظر حيال التكليف»، تقول مصادر «الاشتراكي»: «نحن على تنسيق مع «القوات» وحلفائنا الآخرين، لكن الأولوية بالنسبة إلينا في الأشهر الأربعة المقبلة، هي إقرار «الكابيتال كونترول» ودمج المصارف والموازنة، وإجراء الانتخابات الرئاسية، وإكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي ووضع خطة الكهرباء على السكة.. وغير ذلك، «بدنا نطول بالنا شوي». كذلك يعتبر «الاشتراكي» أنّ «المشكلة ليست في الأشخاص بل في البرنامج، ويجب الإتيان بأشخاص يوحون بالثقة، فتتمكن الحكومة من استكمال التفاوض مع صندوق النقد، لذلك شكل الحكومة يُعتبر تفصيلاً على أهميته، وليس المهم إذا كانت حكومة سياسية أو تكنوقراط أو مختلطة، بل المهم برنامج هذه الحكومة ودعم القوى السياسية لها، فحجم المعاناة أكبر من أي انقسام سياسي».

هذه رؤية «الاشتراكي» للحكومة، بصرف النظر عمّا إذا كان سيشارك فيها أم لا. وتشير المصادر نفسها، الى أنّ قرار تسمية الرئيس المكلّف سيُتخذ في اجتماع لـ»اللقاء الديموقراطي». وتقول: «حتى لو كان قرارنا غير شعبي، إلّا أنّ الأولوية مصلحة البلد». وترى أنّ الحكومة العتيدة من الأفضل عدم مقاربتها على قاعدة «غالب ومغلوب»، إذ إنّ «مهمّتها الاساسية اقتصادية إنقاذية».

في المقابل، وعلى الرغم من أنّ الحكومة العتيدة إذا أُلّفت لن يطول عمرها أكثر من 5 أشهر، نظراً الى انتهاء ولاية الرئيس عون في 31 تشرين الأول المقبل، إلّا أنّها قد تصبح «حكومة الفراغ الرئاسي» في حال تعذّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولذلك تكتسب هذه الحكومة أهمية، وتسعى قوى سياسية عدة الى أن تكون لمصلحتها وتحفظ مكاسبها ومصالحها.

وانطلاقاً من ذلك، تعتبر مصادر مطّلعة، أنّ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، قد يتعامل مع التكليف والتأليف كما تعامل مع حكومة تصريف الأعمال الحالية. فهو على رغم إعلانه عدم تسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة، لم يجزم عدم المشاركة فيها. وتشير الى أنّ باسيل دأب على التأكيد أنّه لا يشارك في حكومة ميقاتي الحالية التي تصرّف الأعمال، إلّا أنّه شارك في تأليفها فعلياً، وله فيها حصّة وزارية وازنة.

من جهتها، تُدرج مصادر سياسية معارضة كلام باسيل الأخير «العالي السقف» تجاه ميقاتي، في إطار السعي الى الحصول على تنازلات من ميقاتي في عملية التأليف والتوزيع الوزاري، لأنّ «هذه المرحلة بالنسبة الى التيار أساسية جداً، فهي مرحلة نهاية العهد، ويريد باسيل أن ينتزع فيها تنازلات لمصلحته، ولذلك من المتوقع أن يذهب إلى مزيد من وضع الشروط».

وتعتبر هذه المصادر المعارضة، أنّ «معركة التكليف مهمّة جداً لفريق 8 آذار، وسيبذل كلّ جهده للحصول على هذا التكليف بإعادة تكليف ميقاتي، إذ بمجرد أن يحصل هذا الفريق على التكليف، سيتمكّن في الحدّ الأدنى، من أن يحافظ على حكومة تصريف الأعمال التي تتمثّل قواه بوزراء فيها ومقسّمة حصصاً في ما بينها، خصوصاً أنّ الرئيس المكلّف هو نفسه رئيس حكومة تصريف الأعمال، وسبق أن تمكّن وزراء «الثنائي الشيعي» من فرملة اجتماعات مجلس الوزراء على سبيل المثال. وبالتالي يكون هذا الفريق قد حافظ بالحدّ الأدنى على وزنه الحكومي الحالي. أمّا في الحدّ الأقصى، فقد يذهب هذا الفريق إلى تأليف حكومة جديدة من طبيعة سياسية، ولذلك يعلّي باسيل السقف لكي يحصل على الوزارات التي يريدها، لأنّه يريد أن يكون جالساً إلى طاولة الحكومة التي ستدير الفراغ الرئاسي لكي يكون ممسكاً باللعبة، وقد يعطيه «حزب الله» الحجم الذي يريده كعربون شكر على مرحلة السنوات الست التي غطّى فيها العهد «حزب الله»، وأيضاً لأنّه لن يتمكّن من دعمه في معركة رئاسة الجمهورية، فيعطيه تعويضاً في مكانٍ آخر، سيكون الحكومة».