حينما يصدر عدد اليوم من صحيفة الشرق، يكون بين الاستشارات النيابية لتكليف شخصية من الطائفة السنية لتشكيل الحكومة المنتظرة منذ أكثر من ٤٥ يوماً!
يكون لا يفصل لبنان عن هذه الاستشارات التي أكدت مصادر «بعبدا» على إجرائها بعد ليلة «السبت – الأحد» العاصفة(والتي تجددت مساء الاحد)، والتي أصابت «المدينة» او «وسط بيروت التجاري» الداون تاون، من مبنى اللعازارية الى آخر شارع الصيفي القديم، والتي رسمت من حولها عدة علامات إستفهام عما حملته من «رسائل» للداخل والخارج على حد سواء، مما تركت من «مظاهر» غير سلمية في جميع المجالات، سواء الإنسانية، او الممتلكات الشخصية، او «البنى التحتية» لوسط بيروت، «العاصمة»!
ومن المفترض أن يؤدي، النواب، الواجب الوطني في هذه الاستشارات، التي سيشتركون فيها، وهم من المفترض يمثلون «الوطن كله» وليس مناطقهم او أحزابهم وتياراتهم – كما نصّ على ذلك «المذهب الديموقراطي» في «النظم السياسية الحديثة»، والمأخوذ أصلاً عن فيلسوف هذا المذهب «جان جاك روسو» الفرنسي (١٧١٢ – ١٧٧٨) – «العقد الاجتماعي».
وهم من المفترض أن يمارسوا فهمهم لمبدأ «فصل السلطات» الذي هو أيضاً الركيزة الثانية لـ«الديموقراطية الحديثة» والذي وضع أسسه الفيلسوف الفرنسي «مونتسكيو» (١٦٨٩ – ١٧٥٥)، والذي يقوم على أن كل سلطة من السلطات الثلاث («التنفيذية» – رئاسة الجمهورية والوزراء – و«التشريعية» – البرلمان – و«القضائية») تُراقب السلطتين الأخريين، مما يُحقّق حرية المواطن، وتلتئم هذه الحرية مع عدالة الحكومة.
من هنا نقرأ «الاستشارات النيابية» في هذه اللحظة الاستثنائية التاريخية في تاريخ «لبنان» عبر الأزمنة، كونها مشاركة في «فرض وطني» من أجل هدف أغلى منه، حتى ولو لم يكن ملموساً في الواقع، وهو «الوطن»، و«المصالح الوطنية العليا» – او «خير عام الوطن».
أي أن لا يختلفوا من أجل الاختلاف، لأن الوطن يعاني بشدة، ونكاد نسمع أنينه، من اختلافهم الحالي المزمن، وما يفعله «بعض» أبنائه من أفعال شوّهت دوره «كرسالة حضارية» في محيطه العربي، واقليمه الشرق أوسطي، والعالم، وهم فعلوا ويفعلون ذلك به، وهو ما لم يفعله العدو بعدوه، وهم بذلك يؤذون أمهم «الوطن» ويكادون يقتلونها خنقاً..
او هم يفعلون بها هذا، وهم لا يعلمون ماذا يفعلون. او يعلمون.. ولا غفران لهم لأنهم يعلمون ماذا يفعلون.
معظم اللبنانيين سينتظرون نتائج هذه الاستشارات، علها تكون البداية في الخلاص من مصابهم في الرزق، والصحة، وراحة البال، والأمن والاستقرار.
والخلاص من حالة الارتباك في فهم ما يجري من حولهم، وهم تائهون في المشاعر والعلاقات التي تربطهم بـ»الوطن» الذي يريدونه في مجتمعه وأخلاقه الوطنية المدنية البعيدة عن الطائفية والمذهبية، ومن دون أهواء إيديولوجية.
فهل يكتمل مع هذه الاستشارات النيابية، وتشكيل حكومة قوية وبسرعة، نصف الأمل بغدٍ مشرق، الذي يعيش اللبنانيون هواجسه، وتكتمل أقل من نصف «الابتسامة، والنفس الصافية التي يملكونها الآن؟».
أم ستقضي هذه الاستشارات النيابية وعدم تشكيل حكومة اصلاح قوية قبل عيدي الميلاد ورأس السنة، على نصف الأمل، والنفس الصافية، والابتسامة التي يملكها اللبنانيون الآن.
يحيى أحمد الكعكي