Site icon IMLebanon

الإنتخابات النيابية في 27 آذار المقبل كونها مطلبا شعبيا داخليا وخارجيا

 

إلغاء النوّاب الستّة للمغتربين على المحكّ وأصوات غير المقيمين حقّ لهم

 

تحرص بعض القوى والأحزاب السياسية على إجراء الإنتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية، في حين تُحاول أحزاب أخرى العمل على إلغاء حقّ اللبنانيين المغتربين في اقتراع 6 نوّاب جدد للقارّات الستّ، على ما ينصّ عليه القانون الإنتخابي الحالي الذي جرت على أساسه الدورة الإنتخابية الماضية في العام 2018. فضلاً عن منعهم من انتخاب الـ 128 نائباً فيما الأسباب التي تُعطى هي لوجيستية وتقنية كون لبنان غير قادر حالياً على تحمّل نفقاتها، على ما يجري الترويج له. غير أنّ وزارتي الخارجية والمغتربين، والداخلية والبلديات اللتين شكّلتا لجنة مشتركة لتطبيق تفاصيل أحكام الفصل الحادي عشر من قانون الإنتخاب الذي ينصّ على «اقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية» (من المادة 111 الى المادة 123)، أكّدتا انطلاق عملهما في التحضير للأمور الإدارية والتنظيمية المتعلّقة باقتراع اللبنانيين غير المقيمين، فضلاً عن المقيمين وفق ما ينصّ عليه القانون الحالي.

 

أسئلة عدّة تُطرح اليوم حول هذه الإنتخابات تتعلّق أوّلاً بإمكانية إلغاء الإنتخابات برمّتها، مروراً بالقانون الإنتخابي نفسه وبإمكانية تعديله أو تعديل بعض بنوده، وصولاً الى انتخابات اللبنانيين المغتربين ترشّحاً واقتراعاً، فضلاً عن عملية انتخاب 6 نوّاب لهم في القارّات الستّ، التي ينصّ عليها القانون الحالي ولم يجرِ تطبيقها في الدورة الماضية، بل جرى التأكيد على تنفيذها في الدورة اللاحقة (أي في انتخابات العام المقبل 2022). فهل سيتمّ تأجيل أو إلغاء الإنتخابات المقرّرة في الربيع المقبل، أو سيتمّ تقريب موعدها الى ما قبل شهر رمضان، أم ستُجرى في لبنان مع حرمان لبنانيي الخارج من حقّهم في الإقتراع، وماذا عن المهل المحدّدة وعدم إمكانية تخطّيها إلا وفق ما ينصّ عليه القانون؟!

 

أوساط ديبلوماسية مطّلعة أكّدت بأنّ الحكومة الحالية تعمل على أساس أنّ الإنتخابات سوف تجري في مواعيدها الدستورية بشكل مبدئي، وهي متمسّكة بإجرائها وليس هناك أي نيّة لتأجيلها أو إلغائها كونها مطلب شعبيا داخليا وخارجيا، قبل أن يكون مطلب دولي يدخل ضمن الإصلاحات المطلوبة من قبل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الحالية. وقالت بأنّ مجلس النوّاب الذي يضمّ الكتل النيابية كافة هو الذي يقوم بمهمّة التشريع، وبالطبع سوف يتمّ طرح كلّ المواضيع المقترحة من تعديل القانون الإنتخابي الحالي، الى موضوع انتخاب اللبنانيين غير المقيمين للنوّاب الستة وما الى ذلك. فيما الحكومة كسلطة تنفيذية تُنفّذ ما يتخذه المجلس النيابي، على ما شدّد عليه ميقاتي بعد لقائه الثلاثاء رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي.

 

ونفت أن يكون هناك أي عوائق لوجيستية تحول دون إجراء الإنتخابات في دول الخارج، سيما وأنّ هذه الأخيرة التي تُطالب بإجراء العملية الانتخابية في موعدها قد أبدت رغبتها بمساعدة لبنان على تنظيمها سيما وأنّ وضعه الإقتصادي المتأزّم اليوم يحول دون قدرته على إنفاق مبالغ كبيرة عليها. وبالطبع فإنّ هذا الموضوع سيوضع على طاولة المؤتمر الدولي لدعم لبنان، كونه أحد أبرز عناوين الإصلاح والتغيير المطلوب في البلاد. وذكّرت بأنّ عملية اقتراع اللبنانيين غير المقيمين حصلت في الدورة الماضية بشكل شفّاف جدّاً، إذ جرى نقلها مباشرةً من الأقلام التي استُحدثت في جميع دول العالم التي تمّ التسجيل المقترعين فيها، بواسطة شاشة عملاقة وُضعت في وزارة الخارجية والمغتربين. ولم تحدث آنذاك أي مشاكل لا في تسجيل المقترعين، ولا في القوائم الإنتخابية، ولا في تحديد أقلام الإقتراع أو هيئاتها ولا في عملية الإقتراع، أو في إحصاء الأوراق وتوزيعها، وفي إيداع المغلّفات وباقي المستندات الإنتخابية الى مصرف لبنان عبر وزارة الخارجية والمغتربين.

 

وعمّا يجري التداول به عن إمكانية إلغاء ترشّح واقتراع اللبنانيين غير المقيمين للنوّاب الستّة، أي بمعدّل نائب واحد عن كلّ قارّة، على ما ينصّ عليه القانون الإنتخابي الحالي، أوضحت الأوساط نفسها أنّ الكتل النيابية التي لا تريد أن يجري انتخاب هؤلاء، كونها ترفض أن يُصار الى انتخاب ستّة نوّاب من الطوائف الستّ الأساسية في البلاد. فالمادة 112 من القانون تنصّ على أنّ هذه المقاعد تُحدّد بالتساوي ما بين المسيحيين والمسلمين بمرسوم يًتخذ في مجلس الوزراء. غير أنّ مثل هذا الأمر لا جدوى منه، من وجهة نظر الأحزاب الرافضة، كما أنّ عدم التوافق على تقسيم هذه المقاعد سيجعل المادة 122 تُعلّق هذه المرّة أيضاً، على غرار ما جرى في الدورة الماضية، مع إمكانية شطبها برمّتها من القانون، وعدم الإشارة الى ضرورة إجرائها في الدورة اللاحقة، إذا ما وجد المجلس النيابي أن لا فائدة منها.

 

وفيما يتعلّق بإمكانية «تطيير» حقّ اللبنانيين غير المقيمين في انتخاب الـ 128 نائباً لأسباب تنظيمية ولوجيستية، إذ يُخشى من عدم لجم أصواتهم، ومعرفة لصالح من يمكن أن تصبّ، لفتت الأوساط نفسها الى أنّ هذا الحقّ لا يُمكن أن يُنتزع من اللبنانيين، خصوصاً وأنّ نسبة كبيرة من المواطنين قد غادرت الى الخارج مع تفاقم الأزمة الإقتصادية والمالية الأخيرة، ولهذه الحقّ في ممارسة العملية الديموقراطية أينما كانت، مثل اللبنانيين المقيمين، وعلى غرار ما يحصل في لبنان بالنسبة لمواطني دول أخرى يقيمون على أراضيه. كذلك فإنّه من حقّ المغتربين أو المنتشرين في دول الخارج منذ عقود وأجيال، ممارسة حقّهم الدستوري هذا، وإن كان هؤلاء لا يبدون الإهتمام الكبير بانتخاب نوّاب الداخل.

 

وأشارت الى أنّ الدورة الإنتخابية الماضية، شهدت تسجيل نحو 82900 لبناني في 39 دولة في العالم للمشاركة في الإنتخابات، من أصل مليون يحملون الجنسية اللبنانية ويحقّ لثلثيهم الإقتراع. وقد اقترع منهم نحو 46800 أي ما نسبته 56.4 % من إجمالي عدد المسجّلين للإنتخاب، وما نسبته نحو 2.5 % من إجمالي المقترعين اللبنانيين. مع العلم أنّ عدد اللبنانيين المتحدّرين من أصول لبنانية في دول الخارج يُقدّر بين 12 و14 مليوناً غير أنّ غالبية هؤلاء لا يقومون بالإجراءات الإدارية لاستصدار أوراق هوياتهم اللبنانية. علماً بأنّ الوزير الأسبق جبران باسيل قد عقد مؤتمرات طاقة إغترابية عدّة في الداخل والخارج لتشجيع اللبنانيين من الذين يستحقّونها على الحصول على الجنسية اللبنانية.

 

ولهذا، فإنّ القوى المتمسّكة بانتخاب اللبنانيين غير المقيمين تمنّي النفس، على عقّبت الأوساط عينها، بأن يصل عدد المنتخبين منهم خلال الدورة المقبلة الى أكثر 300 ألف ناخب، ما من شأنه منحها عدد مقاعد إضافية، أو على الأقلّ حفاظها على عدد المقاعد نفسه. في حين أنّ الأحزاب التي ترفض انتخاب هؤلاء فلأنّها تخشى من عدم إمكانية ضبط هذه الاصوات، وميل اللبنانيين الذين غادروا لبنان بعد ما وصل اليه من انهيار، بالتالي الى انتخاب وجوه جديدة مستقلّة قادرة على إحداث التغيير في الحياة السياسية، وعدم إعادة الوجوه ذاتها. علماً بأنّ مهلة التسجيل لغير المقيمين تبدأ في الأول من تشرين المقبل وتنتهي في 20 تشرين الثاني المقبل. ولهذا على جميع اللبنانيين المقيمين في الخارج والراغبين في الإنتخاب اللجوء سريعاً الى التسجيل، بحسب الأصول المعتمدة، لعدم فقدان هذا الحقّ، ومن ثمّ انتظار ما سيتخذه مجلس النوّاب من قوانين في هذا السياق.

 

وعن إمكانية تقريب موعد الإنتخابات المقبلة الى آذار المقبل، ذكرت بأنّ الأمر يتعلّق بتزامن شهر رمضان مع موعدها، ولهذا فإنّ مسألة تقريبها أسبوعاً أو عشرة ايّام لا يؤثّر على مجرياتها. وأكّدت أنّها ستحصل على الأرجح في 27 آذار المقبل وأنّ هذا الأمر لا يؤدّي الى الإطاحة بانتخاب غير المقيمين بأي شكل من الأشكال، إذ يمكن القيام بتعديل قانوني يُتخذ في مجلس الوزراء، يحرص على اتباع القوانين النافذة واحترام المهل الدستورية، كما على تمكّن جميع الناخبين من ممارسة حقّهم الديموقراطي.