IMLebanon

الإنتخابات كمحاولة لا بدّ منها

 

قيمة الانتخابات النيابية في اي نظام ديموقراطي هي انها رهان على التغيير.

 

لا نتحدث هنا عن انظمة تدّعي الديموقراطية وتمنع الأحزاب ولا عن احزاب تنمو وتعيش وتتوسع بوصفها ادوات لدول اجنبية، ولا عن دول تحدد سلفاً من يحق له خوض الانتخابات ومن لا يُسمح له بالتفكير في خوضها.

 

من حولنا دول كثيرة تُجري انتخابات عامة، لكن قلة منها لإنتخاباتها معنى وقيمة. في سوريا جرت انتخابات ونصف الشعب نازح ومهجر، والنواب الذين جيء بهم واصلوا مهمتهم التاريخية في التصفيق للرئيس الأبدي المنتخب، وفي ايران لم يفهم علي لاريجاني أحد الوجوه التاريخية لثورة رجال الدين لماذا رفض مجلس تشخيص مصلحة النظام ترشيحه الى الرئاسة. كان شقيقه صادق عضواً في هذا المجلس وهو ايضاً لم يفهم السبب. الإثنان فهما شيئاً واحداً: ابراهيم رئيسي هو الرئيس قبل ان تجري الانتخابات، ولذلك استقال الأخوان من كافة مناصبهما على ان تتاح لهما الفرصة لكتابة تجربتهما ان سمحت لهما الأقدار.

 

فقط بين دول الجوار التي تتشابه في ظروفها خاض العراق انتخابات ذات دلالة. راقب العالم عن كثب مجريات الاقتراع العراقي وجاءت النتائج هزيمة كبيرة للتيار الايراني لمصلحة رافعي شعار الدولة اولاً. كانت انتخابات العراق نوعاً من استفتاء لتوجهات الناخبين الشيعة الذين جهدت ايران لتأطيرهم تحت جناحها ولمصلحتها. ولم يقبل انصار ايران النتائج. شنوا حملة على مفوضية الانتخابات وهددوا وطالبوا بتغيير النتائج… لكن موازين القوى الداخلية، في الوسط الشيعي تحديداً، ستحدّ من فورة غضب رجالات طهران.

 

في لبنان يصعب التكهن بتحول جدي تُحدثه الانتخابات. في السابق كانت الأكثرية النيابية في مكان والأقلية في مكان، ومع ذلك فرضت الأقلية التي قادها “حزب الله” رؤيتها وقرارها. ومع تحديد موعد للانتخابات العتيدة، فإن الطقس لن يكون عائقاً امام إجرائها، ولا صوم المسيحيين واخوانهم المسلمين.

 

العائق الفعلي هو انها قد لا تسفر عن تغيير في السياسات مهما كانت نتائجها.

 

لقد اعتاد اللبنانيون منذ 15 سنة على تعابير وتقاليد جديدة في حياة مؤسساتهم الدستورية منها الثلث المعطل الذي صار تلطيفاً للثلث الضامن، ومنها التعطيل الرئاسي واستبدال الانتخاب بالتعيين، والتشكيل قبل التكليف، ثم البتر الحكومي والوزير الملك… وسمع اللبنانيون ارشادات تُتلى عليهم ان عارضوها عوقبوا وان احتجوا ضُربوا، وهم إذ لجأوا الى القضاء لرفع الظلامة عنهم، سبقوهم الى تخوينه ومحاصرته وقبعه.

 

لا نعرف ماذا سيحدث في الانتخابات الموعودة على وقع معركة مفتوحة ضد حياة الناس في معيشتهم ومستقبلهم، وضد المؤسسة القضائية والجيش والأمن، وعلى وقع التهديد بحروب طائفية ومذهبية يستعد لـ”منعها” مائة الف مسلح؟

 

هل ستحدث انتخابات في مثل هذه الظروف تغييراً وهل سيسمح بترجمة هذا التغيير في المؤسسات؟ مهما يكن لا بد من التجربة فلا طريق آخر امام اللبنانيين.