كما كان متوقّعاً، تحوّل المجلس النيابي في جلسته الاخيرة الى حلبة مواجهة بين القوى السياسية المتناحرة، فالمجلس ثبّت أمس موعد إجراء الإنتخابات النيابية في 27 آذار المقبل بعد أن كان رئيس الجمهورية ميشال عون قد استعمل حقه الدستوري بإعادة القوانين الى المجلس النيابي، ولكن بكل تأكيد لم تنته المسألة هنا.
أن أزمة «الاكثرية المطلقة» داخل المجلس النيابي ستفتح باب معركة سياسية جديدة داخل المجلس، وبالفعل حصلت المعركة بين من يعتبر الاكثرية المطلقة هي 65 نائباً، ومن يعتبرها أكثرية مطلقة من عدد أعضاء المجلس النيابي الحاليين، أي 59 نائباً.
صوّت خلال الجلسة 77 نائباً لصالح اعتماد 27 آذار موعداً للانتخابات، و61 نائبا لصالح انتخاب المغتربين لـ128 نائباً، الفارق هنا أساسه نواب حزب الله الذين يريدون الانتخابات في آذار، ولكنهم وقفوا الى جانب التيار الوطني الحر برغبته أن يكون للمغتربين 6 نواب في الانتخابات المقبلة، وبالنسبة الى الشق الاول فلا مشكلة بعدد النواب، بينما الشق الثاني هناك من سيطعن بالقرار، وبالتالي سنكون امام طعون جديدة قد تطيح بموعد الإنتخابات النيابية، او على الأقل بعض المهل الإنتخابية.
تُشير مصادر نيابية صوّتت لصالح تقريب موعد الإنتخابات وتصويت المغتربين لـ 128 نائباً، الى أن التيار الوطني الحر بات واضحاً بأنه يريد نسف الإنتخابات، وهو في كل مرة يختلق إشكالات جديدة تجعله أقرب لتحقيق هدفه، مشددة على أن مسألة إجراء الإنتخابات في آذار ليست مؤكدة حتى اللحظة رغم قرار المجلس النيابي، إذ يبدو ان مسلسل الطعون سيستمر.
وترى المصادر أن التيار الذي يريد اعتبار الأغلبية المطلقة هي من أصل 128 نائباً، غير موجودين قانوناً، نسي او تناسى أن سبب هذا النقص القانوني هو رفض رئيس الجمهورية ميشال عون توقيع مرسوم دعوة الناخبين لإجراء الإنتخابات النيابية الفرعية بعد الإستقالات التي حصلت وحالات الوفاة، ولكن من يرغب بمنع إجراء الإنتخابات النيابية العامة، لن يكون مستغرباً عليه منع إجراء الإنتخابات النيابية الفرعية.
وعليه، فإن التيار الذي يتحمل مسؤولية نقص عدد النواب، لا يمكنه التذرع بالأغلبية المطلقة اليوم، وتُشير المصادر إلى أن الجلسة النيابية لم تحمل أي تفسير للدستور، إنما تطبيقه بشكل كامل، ومن يريد منع الإنتخابات فليقلها صراحة أمام الشعب اللبناني.
بالمقابل تؤكد مصادر نيابية معارضة للتعديلات على قانون الإنتخاب أن من «يتلاعب» بالقانون والدستور هو من يريد نسف الإستحقاق، مشيرة إلى أن القانون الإنتخابي كان واضحاً وبسيطاً وقابلاً للتطبيق فلماذا تعديله، وماذا ينفع تقريب الإنتخابات لمدة شهرين، غير اللهم إن لم يكن الهدف هو تطيير مهل معينة.
وترى هذه المصادر أن المعركة القانونية والدستورية مستمرة، فالأمر لم ينته في جلسة الأمس، كاشفة أن الإتجاه هو للطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري، لأن ما حصل هو مخالفة دستورية صريحة، لا يمكن أن تمر مرور الكرام.