IMLebanon

الإنتخابات النيابية : بدايات.. ومراحل.

 

 

كيف هزم العمران القمران لائحة الإنتداب في بيروت فشل تجربة مجلس الشيوخ 1926 ودمجه بالنيابي

 

الوصول إلى قانون انتخابي أكثر عدالة وتمثيلاً كان دائماً هدفاً ومطلباً لبنانياً أساسياً منذ قيام دولة لبنان الكبير في العام 1920، إذ انه بعد قيام هذا اللبنان، عرف كل أشكال القوانين الانتخابية بما فيها النسبية البسيطة والنسبية التي تحصر بين الأكثريات (2018)، ليبقى المطلب الوطني الملح قانون انتخابات أكثر صحة وتمثلاً وعدالة: إذ أنه بعد قيام دولة لبنان الكبير عام 1920 انتهت سلطات الانتداب الفرنسي في العام 1922 من اللجنة الإدارية الموروثة من زمن المتصرفية، وأصدرت قانون انتخاب جديداً، دعت بموجبه الناخبين لانتخاب مجلس تمثيلي من 30 عضواً يمثلون المناطق والطوائف على أساس المحافظات والبلديات الممتازة، وكان انتخاب هذا المجلس يتم على مرحلتين.

استمر هذا المجلس حتى العام 1925، حيث عين شهر تموز موعداً لإجراء الانتخابات، بموجب قرار حدده المندوب السامي الجديد الجنرال سارايل.

 

أسفرت هذه الانتخابات بفعل التدخل السافر للسلطات الانتدابية إلى نجاح جميع لوائحها في المناطق اللبنانية، باستثناء محافظة بيروت، حيث نشبت معركة عنيفة بين لائحة الانتداب الفرنسي ولائحة المعارضة.

 

كانت لائحة الانتداب بزعامة أميل إده، ولائحة المعارضة بزعامة جورج ثابت.

 

لقد ضمّت اللائحة المعارضة للانتداب شخصيات قوية ومحترمة ومحبوبة عند البيروتيين، يكفي أن نشير أنها كانت تضم عمر الداعوق وعمر بيهم وميشال شيحا.

 

في تلك الانتخابات قدمت سلطات الانتداب الفرنسي كل أشكال الدعم والضغط من أجل اللائحة الأولى، لكن النتيجة جاءت مخيبة لآمال الانتداب واتباعهم، وفازت لائحة المعارضة التي كان يُطلق عليها البيروتيون لائحة «العمران القمران».

 

في عهد هذا المجلس، بدأت تتناهى كما يقول الرئيس بشارة الخوري في «حقائق لبنانية» اخبار «الثورة العربية الكبرى في سورية»، وخروج المتظاهرين إلى الشوارع، وانصرف المندوب السامي سارايل بكليته لمتابعة شؤون سورية الشائكة، وذهب إلى دمشق حيث استقبلته المدينة بتظاهرات صاخبة، فبلغت الحماقة بسارايل أن أمر بضرب دمشق على غير هداية، فقامت القيامة على تلك السياسة الخرقاء والأعمال الهمجية».

 

بعدها اضطر الفرنسيون أمام الخسائر العسكرية والمادية الكبيرة، التي لحقت بهم في سورية، في وقت امتدت الانتفاضة السورية إلى لبنان، مما أدى إلى اضطراب الوضع كثيراً في سورية ولبنان، وظهرت النقمة على رجال «الانتداب في كل مكان، مما اضطر الفرنسيين إلى استبدال المفوض السامي الجنرال سارايل، بمفوض مدني من اعلام البرلمان الفرنسي في حينه، هو هنري دو جوفنيل، الوزير السابق وعضو مجلس الشيوخ وأحد أصحاب جريدة «لو ماتان» الباريسية الشهيرة، في عهد هذا المندوب السامي الجديد، كان لبنان أمام مرحلة جديدة حيث تم وضع الدستور اللبناني، وبدء مسيرة جديدة كان أبرز ما فيها: انتخاب ثلثي أعضاء مجلس النواب وتقوم سلطات الانتداب الفرنسي بتعيين الثلث الأخير لتبقى ماسكة بالحياة السياسية والتشريعية والتنفيذية.

 

الجدير بالذكر، أن الدستور اللبناني الذي وضع عام 1926، وأقره المجلس التأسيسي في 19 أيار، لحظ وجود مجلسين: واحد للنواب وآخر للشيوخ مؤلف من 16 شيخاً.

 

وفي 26 أيار 1926، دعي المجلسان إلى مجمع نيابي لانتخاب أول رئيس للجمهورية، فانتخب ناظر العدلية آنئذ شارل دباس الذي اختاره المندوب السامي الفرنسي، لمدة ثلاث سنوات.

 

بعد مضي نحو عام، كشف الاختبار العملي مواطن الضعف في الدستور، وظهرت نقائص التنظيم الجديد، وكان من أبرز هذه النقائص التوتر الشديد الذي ساد جو العلاقات بين مجلسي الشيوخ والنواب، وهكذا صارت القوانين تتراوح بين المجلسي، فيقر هذا المجلس قانوناً فيرفضه ذاك، مما هدد بشلل دستوري، وفي أوائل أيار 1927 بلغت الأزمة ذروتها باتخاذ مجلس الشيوخ الذي كان يضم أكثرية معارضة للحكومة، قراراً برفض التعاون مع كل حكومة يفوق عدد أعضائها ثلاثة وزراء، آنئذ كانت الحكومة السباعية، فاستقالت، لكن الحكومة الجديدة التي شكلت جاءت أيضاً سباعية، ونالت ثقة المجلسين، أما مجلس الشيوخ فلم يكف عن ممارسة أساليب الضغط لإحراج الحكومة فتأخر البت بشأن مشروع موازنة العام 1927 تأخيراً غير عادي، وكادت أعمال الدولة تصاب بالشلل والارتباك.

 

آنئذ قرر رئيس الجمهورية تعديل الدستور لإصلاح ما كان قد ظهر من خلل، وبالاتفاق مع المفوض السامي الفرنسي والحكومة عرض مشروع التعديل على المجلسين، كل على حدة، فأقراه، ثم عرض عليهما مجتمعين فأقراه في 17 تشرين الأول 1927، وكان ذلك أول تعديل ادخل على الدستور وأطوله، أما أهم الموضوعات التي تناولها هذا التعديل فهي:

 

1-إلغاء مجلس الشيوخ وحصر السلطة التشريعية بمجلس النواب وحده (المادة16).

 

2-جعل أعضاء مجلس النواب فئتين: الأولى منتخبة وتشكل ثلثي عدد الأعضاء، والثانية معينة بمرسوم من رئيس الجمهورية وتشكل الثلث الأخير، وتقرر جعل عدد أعضاء المجلس النيابي 45 عضواً، واعتبر ضم أعضاء مجلس الشيوخ الملغى إلى مجلس النواب، بوصفهم النواب المعنيين (المادة 24).