Site icon IMLebanon

هل ينسحب عزوف الحريري مقاطعةً إسلامية فتطير الانتخابات؟

 

التفاوض النووي في مراحله الأخيرة وانعكاساته لبنانياً تفترض استنفاراً سياسياً

 

 

تُثقل الإقليم أسابيع حاسمة. فالتفاوض النووي بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران بات في مساحة حاسمة، أقرب الى إتفاق الحد الأدنى.

 

في المعطيات المتوافرة أميركياً، أن جلسات العمل في فيينا، بالمواكبة الروسية الدؤوبة، تكاد تضع اللمسات الأخيرة على خريطة طريق لتوقيع إتفاق مرحلي في فترة لا تتعدى الأسابيع القليلة.

 

هل يتكرر سيناريو المقاطعة المسيحية عام 1992 بكل مصادراته وتداعياته

 

والظاهر حتى الآن أن الاتفاق محصور نووياً، ولن يتناول المطالب المرافقة التي تريدها واشنطن، وخصوصا لجهة السلاح الباليستي وتقليص النفوذ الإقليمي والأذرع من اليمن الى لبنان ففلسطين وسوريا، دول الإستقطاب الإيراني. في المقابل، ستتنازل طهران عن شرطها ضمان واشنطن ثبات الإتفاق ومنع أي إدارة من تغييره أحاديا أو إلغائه على غرار ما فعل الرئيس السابق دونالد ترامب. ذلك أن الإدارة الأميركية غير قادرة على تأمين ورقة الضمان هذه، بإعتبار أن هذا الامر من صلاحيات الكونغرس غير المقيّدة، ولا تستطيع أي إدارة رئاسية فرض أمر عليه.

 

وفي المعطيات أيضا، أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون إنتقالية على مستوى الإتفاق النووي النهائي، وستتحوّل المنطقة مساحة لإختبارات متقابلة وربما عنفية، على غرار الهجوم الأخير للحوثيين على أبو ظبي.

 

كما سيكون لبنان في صلب التجاذب المتوقّع، مما يفترض إستنفارا رسميا وسياسيا لمواكبة التطورات، وخصوصا الحارة منها، والتي ستسبق توقيع الإتفاق.

 

لا ريب، في هذا الإطار، أن إفراج الثنائي الشيعي عن الحكومة يأتي في سياقين:

 

1-إقليمي نتيجة قراءة حزب الله تحديدا مجمل التطورات المحيطة بلبنان، في مقدمها التفاوض النووي الحاصل.

 

2-محلي بفعل الضغط الكبير على الثنائي، سياسيا وشعبيا، لأن تعطيله الحكومة تحوّل تعطيلا لأعمال اللبنانيين ومصالحهم وبات يهدد قوتهم اليومي. وهو الأمر الذي تيقّن له حزب الله قبل أكثر من شهر، إلا أن محاولاته اقناع رئيس المجلس النيابي نبيه بري لم تنجح إلا نهاية الأسبوع الفائت.

 

ولا ريب أيضا أن هذين السياقين الإقليمي والمحلي استوجبا على حزب الله ممارسة ضغط مضاعف لتكوين وإنضاج قناعة لدى بري بضرورة الإفراج عن الحكومة، بما أن التعطيل لم يؤتِ ثماره ولم يفلح في الضغط على المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وإن أدى الى تأخير التحقيق، وتاليا تأخير القرار الظني. وأدى هذا الواقع أيضا الى الإضرار بأهالي شهداء الإنفجار وذوي الموقوفين على حد سواء، الى جانب عدم قدرة شركات التأمين على دفع التعويضات المتوجبة للمتضررين، والتي يفوق مجموعها المليار دولار.

 

وكان المحقق العدلي قد ضرب شباط موعدا لصدور القرار الظني، لكن المناورات التي يدأب عليها أكثر من فريق دفاع، ستؤدي على الأرجح الى إرجاء القرار.

 

غير أن التحديات لا تقتصر فقط على الإستحقاق الإقليمي المرتقب:

 

أ-فالأزمة الإقتصادية تزيد خناقها على اللبنانيين، فيما المعالجات لا تزال قاصرة في إنتظار تبيان مصير البرنامج مع صندوق النقد الدولي وخطة التعافي التي هي مرتكز أي اتفاق مع الصندوق.

 

ب-ويبقى الإستحقاق الأكثر أهمية نسبياً المتمثل في الإنتخابات النيابية. ولا يخفى أن ثمة أفرقاء تحبّذ إرجاءه حتى لو أبقت موقفها الإرجائي طيّ الكتمان حتى الآن. كما لا يخفى أن الموقف الذي سيخرج به الرئيس سعد الحريري يشكل هو الآخر جزءًا رئيسياً في المشهد الإنتخابي. فهو إن قرّر عدم المشاركة سيكون لقراره إنعكاس مباشر على الإنتخابات. ومن المرجّح أن يجد الراغبون بالإرجاء في قرار الحريري دافعا إضافيا لتسويق هذا الإتجاه، تأسيسا على ما سيسمّوه عيبا في ميثاقية الإنتخابات ونتائجها.

 

وتستعيد الذاكرة في هذا السياق، المقاطعة المسيحية للإنتخابات النيابية سنة 1992، والتي وجدت فيها المنظومة الحاكمة (نفسها منذ ذلك الحين)، فرصة لإقصاء المسيحيين ومصادرة قرارهم وتعويم طبقة سياسية واهنة على حساب الأحزاب الأكثر تمثيلاً.