IMLebanon

معركة بين محورين على مصير لبنان

 

 

لا حديث يتقدم على حديث الإنتخابات النيابية في الربيع والرئاسية في الخريف. ولا تأكيد يوحي من المسؤولين على إجرائها في الموعد يحول دون البحث المستمر عن مبررات لتأجيلها. والمرشحون للإنتخابات أربعة: الخائفون عليها، الخائفون منها، اللاعبون بها، والباحثون عن حظ لهم فيها. والبداية كالعادة إتهامات. “محور الممانعة” يتحرك كأنه يواجه “حرباً كونية” ضده ويشكو من كثرة التدخل المالي والسياسي الأميركي والخليجي لمصلحة خصومه. و”محور الممانعة المضادة” للهيمنة على لبنان يشكو من إنعدام أو قلة الدعم الغربي والعربي وكثرة التدخل الإيراني والسوري لمصلحة خصومه.

 

ولا شيء يوحي، وإن كان هناك من يتمنى، أن تتكرر تجربة الإنتخابات العراقية في الإنتخابات اللبنانية، بعدما دفعت أميركا العراق بعد الغزو نحو نظام للحكم على الطريقة اللبنانية، وكانت إيران المستفيد الأكبر: اللعب على “المكونات” المذهبية والإتنية في العراق وتوزيع السلطة بين الشيعة والسنة والكرد. عام 2019 إنطلقت “ثورة تشرين” في العراق ضد الفساد والقوى الحاكمة و”الإحتلالين الأميركي والإيراني”، و”ثورة تشرين” في لبنان تحت شعار “كلن يعني كلن”. هناك جرت عمليات قتل وخطف وسجن وإعتقال الناشطين في “الثورة”. وهنا واجه الناشطون القمع والإعتداءات وتكسير الخيم. لكن المفاجأة جاءت في الإنتخابات الأخيرة في العراق حيث خسرت التنظيمات المسلحة المرتبطة بإيران. أما هنا، فإن الحزب المسلح المرتبط بإيران يتصرف كأنه يدير اللعبة.

 

ذلك أن السيد حسن نصرالله حدد إستراتيجية “حزب الله” الإنتخابية بالعمل لإنجاح مرشحي “الثنائي الشيعي” ومرشحي الحلفاء، بداعي الحاجة الى حماية “المقاومة الإسلامية” بالسلطة والحفاظ على الأكثرية فيها. فهو واثق من أن أصوات الشيعة مضمونة للثنائي الشيعي. ويريد منع أي خرق ولو بمقعد واحد. والحلفاء المتكلون على ما يسمى “فائض القوة” لدى “حزب الله” يعرفون ما هو المطلوب منهم لحماية “المقاومة الإسلامية” التي لها مهام إقليمية ضمن المشروع الإيراني أوسع من مهمة التصدي لأي إعتداء إسرائيلي.

 

أما الطريق المقابل، فإن حسابات مكوناته مختلفة، وإن كان الهدف واحداً: إستعادة الشرعية المخطوفة، التخلص من الهيمنة الإيرانية وبناء مشروع الدولة. الناشطون في الإنتفاضة ليسوا موحدين، وهم يستعجلون القطاف في موسم الزرع. القوى المتماسكة برمزية “14 آذار” تسعى للتحالف، ولكن في إطار موضعي وأحياناً “على القطعة”، مع أنها ليست ضعيفة شعبياً. والمشكلة المستجدة هي الصراع على الصوت السني، بعدما عزف عن المشاركة في الإنتخابات الزعيم السني الأقوى الرئيس سعد الحريري ومنع أعضاء تيار “المستقبل” من الترشح إلا إذا إستقالوا. لا بل إن الحريري الذي مارس “ربط نزاع” مع حزب أدانت المحكمة الدولية ثلاثة من أعضائه باغتيال الرئيس رفيق الحريري يمارس الآن نزاعاً مع الذين كانوا حلفاء في 14 آذار، وحتى مع الرئيس فؤاد السنيورة الأقرب الى الحريري الأب من أي شخص خارج الأسرة، لمجرد أنه يعمل للحفاظ على الدور الوطني للطائفة، والصوت المعتدل لها ومنع الهيمنة عليها والفراغ فيها.

 

ليت الناخبين يتذكرون الحكمة التقليدية القائلة: الخوف مستشار سيئ، لكن اللامبالاة مستشار أسوأ.