Site icon IMLebanon

عشيّة الانتخابات النيابيّة في 15 أيار 2022: عودة إلى التذكير ببعض الأسس لممارسة الديمقراطيّة!

 

 

 

إذا كانت الممارسة الديمقراطيّة في إجراء الانتخابات النيابيّة أمراً إيجابياً في حياة الشعوب والأمم، فإنّ انفلات العواطف وازدياد غبار المعارك الإنتخابيّة يطرحان علامة إستفهام كبرى، ذلك أن ميشال شيحا يقول ويؤكّد بأنّ الهدف الأكبر للإستفتاء هو الاستقرار قبل التمثيل. إنّ استقرار المجتمع هو الميزة الأولى والأساسيّة لحياة المجتمع خاصّة إذا كان مزيجاً من «جماعات متشاركة».

 

بناءً عليه، وجدنا من الضروري عشيّة الانتخابات النيابيّة ان نذكّر ببعض الأسس والقيَم والمبادئ التي قام عليها قانون الانتخاب الحالي في لبنان من زمن لجنة فؤاد بطرس. وقد كانت لدينا مبادرة معروفة في صياغة هذا القانون (من أصل 122 مشروع قانون) قُدّمت الى اللجنة. يومها قال فؤاد بطرس عن مشروعنا «بأنّه المشروع الأكثر «واقعيّة» والأكثر «منطقيّة»، والأكثر «اقناعاً».

 

أولاً: المبادئ الأساسيّة لمشروع قانون الانتخابات.

 

1 – مراعاة قواعد الحياة المشتركة بين اللبنانييّن.

 

2 – تأمين صحّة وفعاليّة التمثيل السياسي لشتّى فئات الشعب، بالنسبيّة لصحّته، وبالأكثريّة لفعاليّته.

 

3 – احترام وحدة الأرض والشعب والمؤسسات.

 

4 – التمسّك بالديمقراطية جوهراً (فلسفة) وتطبيقاً بعيداً من أسلوب الديمقراطيّة الانتقائيّة العدديّة.

 

5 – الأخذ بعين الاعتبار الواقع الطوائفي ديمغرافياً وجغرافياً على الخريطة اللبنانيّة.

 

6 – تحقيق التمثيل الصحيح لكل طائفة بين نواتها الصلبة من جانب أي أكثريتها البارزة على (رقعة جغرافيّة معيّنة) ونواتها العاديّة في مناطق اختلاطها ببقيّة الطوائف من جانب آخر.

 

7 – إجراء الانتخابات على أساس المحافظة: باعتبارها الحدّ الوسط بين طرفين ومنصوص عليها في وثيقة الوفاق الوطني. مع الاعتراف بأن أرقى تمثيل ديمقراطي يتمّ على أساس الدائرة الفرديّة.

 

8 – زيادة عدد المحافظات على أساس التوازن بين العائلات الروحية.

 

9 – الربط بين عدد المحافظات واللامركزيّة والتقسيم الاداري.

 

10 – الحرص على التوازن بين مبدأين: الحرية: محور الفكر المسيحي، والوحدة: محور الفكر الاسلامي.

 

11 – اعتماد الاحصاءات الرسميّة اللبنانيّة لعدد المقترعين مع اعتبار اللبنانيّين المنتشرين جزءاً أساسياً من هذا الاحصاء.

 

ثانياً: فلسفة قانون الانتخاب.

 

إنّها تعني قواعد قانون الانتخاب في مبرراتها واستهدافاتها الاخلاقيّة والفكريّة والسياسية والحياتية بحيث تعبّر عن الرأي العام بتمثيل برلماني، ومثل هذا التوازن يمنع هيمنة طائفة على طوائف أخرى لأنّه كما يقول ميشال شيحا: «ولا واحدة يمكنها الهيمنة على بقيّة الطوائف ما لم تهدد وجود الدولة بالذات» وما نشهده اليوم مع الطائفة الشيعيّة.

 

لذا يؤكد ميشال شيحا أنه: إذا كان لا بدّ من وجود مؤسسات عامة في لبنان فان أوّلها وأهمّها هو مجلس النواب، لأنّ لبنان هو بلد الأقليات المتشاركة، ذلك ان المجلس هو مكان اللقاء الضروري كرمز للحياة المشتركة وهو شرط التوازن والتفاهم. وغياب المجلس عنى دائماً العودة الى المؤسسات الدينية إذ من نتائج غيابه لا تغييبه حمل النقاش السياسي الى المعابد الدينيّة.

 

إنّ جميع القوانين في لبنان اعترفت بحقوق الطوائف بالتمثيل وكرّست مبدأين:

 

1 – الاعتراف بشرعيّة الانتماء الطائفي السياسي كقاعدة للتمثيل في المجلس النيابي.

 

2 – احتواء النزاعات الطائفية باعطاء كل طائفة حقّها في المقاعد النيابيّة مسبقاً وبصورة ثابتة.

 

هذا الاحتواء استدعى قرارين ملزمين:

 

الأول: ان قانون الانتخاب قسّم المقاعد التمثيليّة، ولم يقسّم الناخبين، محترماً النسب المئويّة لكل طائفة داخل مجموعة الطوائف التي تنتمي اليها وداخل المجموع العام للطوائف. فمن أصل نصف عدد مجلس النواب أي 64 نائباً توزع النسب لدى المسيحيين هكذا:

 

موارنة 34، روم ارثوذكس 14، روم كاثوليك 8، أرمن أرثوذكس 5، ارمن كاثوليك 1، إنجيليون 1، أقليات مسيحية 1.

 

ولدى المسلمين: سنة 27، شيعة 27، دروز 8، علويون 2.

 

الثاني: حصر التنافس على المقعد النيابي بين مرشحي الطائفة الواحدة وليس بين مرشحين من طوائف مختلفة.

 

ثالثا: المعايير الدولية لصحّة الانتخابات.

 

نظرًا لوجود امكانيات من التزوير لضرب صحة الانتخابات، فقد سعت المؤسسات الدولية لوضع معايير عامة تساعد على اجراء الانتخابات بشكل صحيح. وقد وجدنا من المناسب ايراد هذه المعايير كي تكون مرجعاً للمعنيين بالشؤون الانتخابية غداً وفي المستقبلين القريب والبعيد.

 

1 – وضع لوائح الناخبين بشكل صحيح بحيث تشمل كل من له الحق بالاقتراع من المقيمين والمنتشرين على حدّ سواء.

 

2- تأمين حرية التصويت للناخبين دون ترهيب أمني او ترغيب مالي.

 

3- منع قوى الأمن من دخول مراكز الاقتراع.

 

4- الاشراف على الانتخابات بواسطة لجنة وطنية مستقلة بصلاحيات واضحة وواسعة ومحددة على ان تشمل هذه الصلاحيات:

 

أ- تسجيل الناخبين.

 

ب- تنظيم الاشراف على الاقتراع في يوم واحد.

 

ج- اعتماد أوراق اقتراع رسميّة موحدّة.

 

د- عدّ الأصوات وتبويب النتائج ونشرها.

 

ه- وضع برنامج تدريب للمسؤولين عن الانتخابات.

 

و- وضع برنامج لتوعية الناخبين على حقوقهم وواجباتهم.

 

ز- إستقبال الشكاوى والطعون ودراستها بسرعة وشفافية.

 

ح- مساعدة المسؤولين في وضع قانون انتخابي مناسب.

 

ط-التمتّع بمهمات المخاتير خلال الانتخاب.

 

ي- الحق بتعيين أعضاء لجان القيد.

 

ك- مساعدة القضاء في بت الشكاوى الانتخابية.

 

ل- اقرار حق المراقبين المحليين والدوليين في مراقبة العملية الانتخابية.

 

م- عدم خضوعها لحق الفيتو الاستنسابي عليها من مجلس الوزراء.

 

5 – من مهمات اللجنة وضع لائحة للمرشحين بشكل يسمح للناخب الأمّي أن يختار الشخص الذي يريده واللائحة التي يريدها.

 

6 – اعتبار حريّة ونزاهة الاقتراع مرهونة بارادة السلطة التي يمكنها أن تنجّحها أو أن تفشّلها وهي مسؤولية خطيرة وتاريخيّة!

 

«اللّهم قد بلّغنا»!