منتصف هذه الليلة تُطوى آخر مهلة في آلية المهل في قانون الإنتخابات. عند الثانية عشرة منتصف الليل، تُغلق أبواب وزارة الداخلية على تسجيل اللوائح الإنتخابية في كل الدوائر الخمس عشرة في لبنان، واعتبارًا من صباح غدٍ الثلاثاء ينطلق السباق في اتجاه السادس من أيار حيث ستجري الانتخابات النيابية في يوم واحد، ليستفيق لبنان فجر السابع من أيار على مجلس النواب الجديد، مجلس ال 2018، الذي سيتولى السلطة التشريعية حتى أيار من العام 2022، أي قبل خمسة أشهر من موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
الإستحقاق الإنتخابي بدأ يأخذ طابعًا استراتيجيًا في الخطاب السياسي، فرئيس الحكومة سعد الحريري الذي تتوزع لوائحه في كل لبنان، قال كلامًا كبيرًا في عكار عند اعلان لائحة تيار المستقبل، فرفع سقف الخطاب من خلال القول:
صحيح أننا نقيم حوارًا مع حزب الله لكن هناك ربط نزاع معه. هناك مشكلة في البلد، وهذه المشكلة يجب ألا تتطور بما يعطل حياة المواطن اللبناني. اتفقنا في مجلس الوزراء على أن ندير الأمور نحو الأفضل من أجل مصلحة البلد، لكننا لم نتفق على الامور الاستراتيجية التي تغيّر منحى البلد في الانتخابات النيابية.
وفي ما يشبه إعادة التذكير بالثوابت، قال: تاريخ تيار المستقبل والمدرسة الحريرية معروف، فنحن نريد أن نبني ونعلم وأن يكون هناك إنماء في كل المناطق. نحن مدرسة تؤمن بالحوار وبأن هناك رأيًا آخر في البلد، وترفض السلاح أيًا كان. نحن مدرسة ترفض أخذ لبنان الى أي مكان آخر غير العروبة. رأينا ما يحصل في المنطقة، ولولا ان مدرسة رفيق الحريري كانت دائمًا المبادِرة لما كنت أنا بادرت.
ما يجهله الآخرون انه مَن اغتال رفيق الحريري وضع رفيق الحريري في قلوب كل الناس.
بالتوازي، كان التيار الوطني الحر يُعلن أكبر مروحة ترشيحات: ستة وثمانون مرشحًا حزبيًا وحليفا في 12 دائرة من أصل 15. ويبدو ان الرقم 86 لم يأتِ من عبث أو مصادفة، انه رقم أكثرية الثلثين في مجلس النواب.
والى تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، كرّت سبحة اللوائح في معظم المناطق اللبنانية لتبدأ أشرس معركة انتخابية لم يشهد لبنان مثيلاً لها منذ تواريخه الانتخابية.
لكن مع الإنشغال بالإنتخابات، فإن كلامًا قاله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حين التقاه يوم الجمعة، وفيه ان البلد مفلس، أهمية هذا الكلام انه صادر عن رئيس الجمهورية، وانه يأتي قبل أقل من اسبوعين على مؤتمر سيدر واحد، وانه لم يعقبه أي نفي بل توضيح أشار الى ان كلام رئيس الجمهورية للبطريرك الماروني عن أن البلد مفلس لم يكن توصيفًا لواقع قائم إنما تحذير من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي بالبلاد الى وضع صعب.
حتى التوضيح لم يخلُ من التنبيه، وهذا يعني ان الإهتمام بالإنتخابات لا يجوز أن يجعل البلد يكون في مواجهة مع مخاطر الإفلاس.