IMLebanon

الإنتخابات النيابية بين النسبية والحاصل

 

في القانون الإنتخابي الأكثري، مَن يحوز على أصوات أكثر من غيره يفوز، حتى لو كان الخاسر حائزاً على 49 في المئة من الأصوات.

في القانون النسبي فإنَّ حجم الفوز يكون بما يحصل عليه المرشح من نسبة الأصوات، فالحائز على 49 في المئة من الأصوات لا يخسر بل ينال حجمه، أي 49 في المئة من المقاعد.

هذا الواقع جعل من المستحيل أن تفوز لائحة بكامل أعضائها، اللوائح الأخرى تفوز بما حققته من نِسب، لكنَّ هناك حداً أدنى من الأصوات يجب أن تناله كلُّ لائحة لتكمل سير المعركة. وهذا الحد الأدنى هو ما يسمى الحاصل، أمَّا إحتسابه فيكون من خلال قسمة عدد المقترعين على عدد المرشحين، والنتيجة هي الحاصل، على سبيل المثال:

إذا اقترع مئة ألف وكان عدد المرشحين عشرة، فإنَّ الحاصل هو عشرة آلاف، وكلُّ مرشح ينال عشرة آلاف يكون قد حصل على الحاصل.

هكذا تنطلق عملية الفرز لتنتقل إلى الحاصل الثاني، ثم إحتساب مَن يحصل على كسور أكثر من خمسين في المئة، ثم يأتي دور إعلان النتائج.

الماكينات الإنتخابية تقوم بجهود تفوق التصوُّر من أجل التوصل إلى أرقام إفتراضية لإستكشاف النتائج، والعملية في غاية الصعوبة لأنَّها لا تتعلق بأرقام فقط بل بأمزجة الناخبين، فكيف يمكن إحتساب مزاج؟

قد يعطي الناخب كلمة للمرشح لكنَّه قد يغيِّر رأيه وراء العازل، الذي هو عبارة عن حاجب صغير بحجم شاشة الكمبيوتر.

بناءً على الأمزجة، فإنَّ الماكينات تتعامل مع موضوع البوانتاج إنطلاقاً من كل هذه التبدلات، وأحياناً تراجع الحسابات أكثر من مرة بسبب تغيّر قرار الناخبين وعدم إمكانية معرفة إتجاهاتهم، وخاصة الناخبين المترددين أو غير الحزبيين وغير الملتزمين، وأيضاً بسبب وجود كتل ناخبة لم تتخذ قرارها، وإنطلاقاً من هذا التردد فإنَّ النتائج لا تتعدى كونها ترجيحات غير مضمونة مئة في المئة. لذلك تبقى ترجيحات الماكينات غير دقيقة بإنتظار نهاية يوم الإنتخابات في 6 أيار، حيث يتضح ما سيقدم عليه الناخبون، وهل من أمور غير متوقعة؟

مع ذلك، تبقى هناك مؤشِّرات يمكن أن تسهّل التوقعات، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإنَّ أم المعارك ستكون في بيروت الثانية إحدى دوائر معاقل تيار المستقبل. في هذه الدائرة أحد عشر مقعداً وتسع لوائح، المعطيات الرقمية تشير إلى أنَّ لائحة تيار المستقبل متقدمة، فيما تتوزع ثلاث لوائح أخرى على المقاعد المتبقية. هكذا تكون أربع لوائح قد حصلت على الحاصل وأكملت السباق، فيما خمس لوائح لم تنجح في الحصول على الحاصل وخرجت من المعركة.

وما ينطبق على العاصمة ينطبق على عاصمة الشمال، طرابلس، مع شيء من التفاوت، دائرة طرابلس المنية – الضنية، ولهذه الدائرة 11 مقعداً، تشير المعطيات إلى أنَّ تيار المستقبل سيصل في الحاصل إلى نصف المقاعد، فيما تتوزع المقاعد الأخرى على ثلاث لوائح، أما اللوائح التي لا تصل إلى الحاصل فسيكون مصيرها الخروج من المعركة.

ومن أمهات المعارك أيضاً دائرة البترون – الكورة – زغرتا – بشري. هذه الدائرة لها عشرة مقاعد، وستتقاسم المقاعد بالتساوي على أن يكون التنافس على المقعد الأخير أي المقعد العاشر.

صحيحٌ أنَّه قانون النسبية، لكنَّه في حقيقة الأمر قانون الحاصل، ولمن لم يفهم تحليل اليوم أقول من سوَّاك بنفسه لم يظلمك.